ثمّ اللّباس ، استعدى(١) زياد بن شدّاد الحارثي صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله)على أخيه عبيدالله بن شدّاد ، فقال : يا أمير المؤمنين ، ذهب أخي في العبادة ، وامتنع أن يساكنني في داري ، ولبس أدنى ما يكون من اللّباس.
قال : يا أمير المؤمنين ، تزيّنت بزينتك ، ولبست لباسك.
قال : «ليس لك ذلك ، إنّ إمام المسلمين إذا ولي أُمورهم لبس لباس أدنى فقيرهم ؛ لئلاّ يتبيّغ(٢) بالفقير فقره فيقتله ، فلأعلمنَّ ما لبست إلاّ من أحسن زيّ قومك (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّث)(٣) ، فالعمل بالنّعمة أحبُّ إليّ من الحديث بها»(٤).
ثمّ القسم بالسويّة والعدل في الرعيّة ، ولّى بيت مال المدينة عمّار بن ياسر ، وأبا الهيثم بن التيّهان فكتب : «العربيُّ ، والقرشيّ ، والأنصاريّ ، والعجميّ ، وكلُّ من كان في الإسلام من قبائل العرب وأجناس العجم سواء»(٥).
فأتاه سهل بن حنيف بمولى له أسود ، فقال : كم تعطي هذا؟
فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : «كم أخذت أنت؟».
قال : ثلاثة دنانير ، وكذلك أخذ الناس.
قال : «فأعطوا مولاه مثل ما أخذ ثلاثة دنانير».
__________________
(١) استعدى الرجل : استعان به واستنصره. لسان العرب ١٥ / ٢٩ (عدى).
(٢) التبيغ : الهيجان والغلبة. غريب الحديث لابن سلاّم ١ / ١٦٠.
(٣) سورة الضحى ٩٣ : ١١.
(٤) نهج البلاغة ٢ / ١٨٧ ، والكافي ١ / ٤١٠ / ح٣ ، شرح نهج البلاغة ١١ / ٢٢ ، الخرائج ١ : ١٨٧ / ح٢١.
(٥) (سواء) لم ترد في «ح ، س ، م» ، وما أثبتّه من المطبوع.