على فراشي».
فقال : «بأبي أنت وأُمّي ، السمع والطّاعة لله ولرسوله» ، فنام على فراشه ، ومضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) لوجهه ، وأصبح عليٌّ وقريش تحرسه ، فأخذوه فقالوا : أنت الذي غررتنا(١) منذ اللّيلة؟ فقطعوا له قضبان الشجر ، فضرب حتّى كادوا يأتون على نفسه ، ثمَّ أفلت من أيديهم وأرسل إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله)وهو في الغار : «أن اكتر ثلاثة أباعر ، واحداً لي وواحداً لأبي بكر وواحداً للدّليل ، واحمل أنت بناتي إلى أن تلحق بي». ففعل(٢).
قال : فما الحفيظة والكرم؟
قالوا : مشي على رجليه ، وحمل بنات رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الظهر ، وكمن النّهار وسار بهنّ اللّيل ماشياً على رجليه ، فقدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقدتعلّقت قدماه دماً ومدة ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «هل تدري(٣) ما نزل فيك»؟ فأعلمه بما لا عوض له لو بقي في الدُّنيا ما كانت الدُّنيا باقية.
قال : «يا عليُّ ، نزل فيك : (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِل مِنكُمْ مِنْ ذَكَر أَوْ أُنثَى) فالذكر : أنت ، والأناث : بنات رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، يقول الله تبارك وتعالى : (فَالّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لاَُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيّئَاتِهمْ وَلاَُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارَ ثَوَابَاً مِنْ عِندِ اللهِ واللهُ عِندَهُ
__________________ ـ
(١) في نسختي «ح ، م» : غدرتنا ، وما أثبتّه من «س».
(٢) الخرائج ١ / ١٤٣ / ٢٣١ ، العمدة : ٢٣٩ / ح٣٦٧ ، البحار ٤٠ / ١٠٠ ، شواهد التنزيل للحسكاني : ١٢٩ / ح١٣٩ ، البداية والنهاية لابن كثير ٣ / ٢٤٤ ، فضائل أمير المؤمنين لابن عقدة الكوفي : ١٧٩ ، السيرة النبوية لابن كثير ٢ / ٢٤٤.
(٣) في نسخة «س» : أتدري.