تسلية المؤمنين.
ولمّا ذكر الشاكر والكافر ، وهدّد الكافر ، استأنف سبحانه ذكر الشاكر ، بذكر أكمل أصنافه أجمل الذكر وأحسنه فقال :
(إنّ الأبرار) : جمع برّ كأرباب ، أو بارّ كأشهاد ، واللاّم للاستغراق كما في قوله تعالى : (يوفونَ بالنّذرِ) ، لكن ينافرهما قوله تعالى : (ويطعمون الطعام ...) الآية ، وجعله بمعنى أنّ شأنهم ذلك بعيد ، فالظاهر أنّها للعهد القريب.
وعلى أيّ حال مصداقها هم أهل البيت عليّ عليهالسلام وفاطمة عليهاالسلاموالحسن عليهالسلام والحسين عليهالسلام بما أسلفناه ، وبدلالة اللّفظية القطعيّة ، فإنّ القولين بيان لحال الأبرار ، ولم يتّفق منطوقهما عن غيرهم ، ولا نَزَلا فيه ، وإلاّ لنُقل ، لتوفّر الدواعي عليه ، والعادة قاضية بأنّ مثله ممّا لا يخفى ، مع وفاق الخصم على نفيها كما على الإثبات.
وممّا يجعلك مطمئنّاً أنّ الزمخشري ـ مع شدّة تعصّبه ـ إنّما نقل في الباب عن عائشة أنّها كانت تبعث بالصدقة إلى أهل البيت ، ثمّ تسأل الرسول ما قالوا ، فإذا ذكر دعاء دعت لهم بمثله ؛ ليبقى ثواب الصدقة لها خالصاً عند الله(١).
ولعلّه كان يمكنها الدعاء لأجل ذلك من غير سؤال ، ففيه ما فيه.
وأمّا فضّة ، فهي وإن تابعت مواليها في النذر والصوم ، لكن لعلّ الإطعام لصاحب الطعام.
وفي رواية ابن عبّاس كما في ي(٢) وف(٣) موافقاً للأمالي : «فنزل
__________________
(١) تفسير الكشّاف للزمخشري ٦ / ٢٧٧.
(٢) زبدة البيان للأردبيلي : ٤٢٢.
(٣) تفسير الكشّاف للزمخشري ٦ / ٢٧٩.