وما شاء الله كان أو ما صحّ أن يتعلّق به المشيئة ، كما يتراءاى من قوله تعالى : (إنّ الله على كلّ شيء قدير)(١) ، ولعلّه على الفرض.
ولا أظنّك غافلاً عن نكتة التنكير وتنوين التحقير ، بعد تعريف «الإنسان والدهر» الدالّ على التعظيم ، ولا عن التأكيدات بـ «إنّ» ، والتعظيمات بصيغ المتكلّم مع الغير ، فيما سيأتي من الآيات ؛ فلذا طويت عنها وعن مثلها.
(مذكوراً) : بين الخليقة ، أوّلنا أوّله الآن والأوسط على أنّ المشيئة هي الذكر الأوّل ، فيكون وصفاً كاشفاً ، ويحتمل البدلية : إمّا على الأوّل ـ وهو الظاهر ـ فالذكر بمعناه الظاهر ، وكذا على الأخير.
وحقّ الكلام أن يقال : الذكر يجامع عدم الشيء ، وهو فرع وجوده ، ولو فرضنا فبالاعتبار الأوّل القيد تعميم له ، أي ما يجري على اللسان أو القلب ، فكيف بالوجود العيني بل عدماً صرفاً.
وبالحيثيّة الثانية مختصّ ، أي مذكوراً في الألسنة والقلوب بالإنسانيّة ، بل تراباً وماءً ، أو مثبتاً في الكتاب المبين ، وهو اللوح المحفوظ ، بل إنّما كان في علم الله تعالى وما يتذكّره القلب ، بل منسيّاً ، أو ما يُعتنى بشأنه ، بل حمأ ونطفة من باب (ورفعنا لك ذكرك)(٢) من مقولة ولقولك ، وكأنه خيال من قال أنّه العلماء ، أو مكوّناً إنساناً كناية عن الوجود بالحيثيّة ، وهذا الذي يظهر ممّا في عن مالك الجهني قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزّ وجلّ : (أَوَلاَ يَذْكُرُ الأنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) ،
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ٢٠.
(٢) سورة الشرح ٩٤ : ٤.