يستطيع المكلّف أن يميّز الناسخ عن المنسوخ دون الرجوع إلى السنّة الشريفة. وفي الأثر عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه سأل قاض مرّ عليه بالكوفة : «أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ فقال : لا. فقال عليهالسلام : إذن هلكتَ وأهلكت»(١).
ولنأخذ مثلاً على الناسخ والمنسوخ في قضية وفاة الزوج ، ففي قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لاَِزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاج)(٢). نلحظ أنّ هذه الآية منسوخة ، وهي تتحدّث عن أنّ المرأة المتوفّى عنها زوجها لا ميراث لها سوى الإمتاع من التركة حولاً كاملاً ، وكانت عدّتها حولاً كاملاً أيضاً. أمّا الآية الناسخة فهي آية المواريث وهي : (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَم يَكُن لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّة يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْن وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ ...)(٣) ، وبآية التربّص أربعة أشهر وعشراً : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُر وَعَشْراً ...)(٤).
ثالثاً : آيات عامّة ولكن لها تخصيص أو تقييد في السنّة الشريفة ، فهنا نوعان :
أ ـ الآيات ذات العموم التي تخصّصها السنّة الشريفة ، فالآية عامّة ولكن المراد هو الخاصّ الوارد بعد ذلك ، مثل قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقَاتُ
__________________
(١) تفسير العيّاشي ١ / ١٢ رقم ٩. والإتقان للسيوطي ٢ / ٢٠.
(٢) سورة البقرة ٢ : ٢٤٠.
(٣) سورة النساء ٤ : ١٢.
(٤) سورة البقرة ٢ : ٢٣٤.