وَلاَ أَنْفُسَهُمْ يَنصُرُونَ)(١).
«هذا عطف على الآية الأولى ، فكأنّه قال : قل : وليّي الله القادر على نصرتي عليكم وعلى من أراد بي ضرّاً ، والذين تتّخذونهم أنتم آلهة لا يقدرون على أن ينصروكم ولا أن يدفعوا عنكم ضرراً ، ولا يقدرون أن ينصروا أنفسهم أيضاً لو أنّ إنساناً أراد بهم سوءً من كسر أو غيره.
وإنّما كرّر هذا المعنى لأنّه ذكره في الآية التي قبلها على وجه التقريع وذكره ههنا على وجه الفرق بين صفة من تجوز له العبادة ممّن لا تجوز ، كأنّه قال : إنّ ناصري الله ولا ناصر لكم ممّن تعبدون»(٢).
٤ ـ مبدأ الإجمال في القرآن والتفصيل في السنّة :
أي إنّ القرآن يعطي الأحكام الإجمالية للتشريع وإنّ السنّة النبوية الشريفة تفصّل تلك الأحكام. وسنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قولاً وعملاً وتقريراً كانت بياناً وتفسيراً لمجملات القرآن الكريم. لقد بيّن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لأمّته معاني القرآن إمّا بياناً بالنصّ أو ببيان تفاصيل الشريعة ، ولذلك فقد امتثل لكلام المولى عزّوجلّ : (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(٣).
ونعرض هنا جملة من المبادئ المتعلّقة بالإجمال والتفصيل :
أوّلاً : جاءت الأحكام الشرعية في القرآن إجمالية بصورة عامّة ، كما في قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)(٤) ، وجاءت السنّة النبوية
__________________
(١) سورة الأعراف ٧ : ١٩٧.
(٢) تفسير التبيان ٥ / ٦١.
(٣) سورة النحل ١٦ : ٤٤.
(٤) سورة النور ٢٤ : ٥٦.