بناءً على هذا فإنّ المهمّ هنا هو محتويات الأبحاث التاريخية وإن عرضت بأساليب مختلفة وليس المهمّ أنّ هذه الأبحاث جاءت تحت أي من العناوين في كتب التاريخ ، حيث توجد في العديد من الكتب نفس المحتويات التاريخية بتبويبات أُخرى وبعناوين أُخر(١).
وعلى كلّ حال فإنّ المدوّنات والمواضيع التاريخية المطروحة من قبل الشيخ المفيد مهما كان الإسم الذي نطلقه عليها فهي لا تخرج عن إطار البحث في الأنساب والتراجم من خلال بعدها الكلامي ، وذلك لأنّ أكثر أبحاثه ومواضيعه تدور حول معرفة آل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وإنّ أكثر ما جاء في تأليفاته كان على شكل ترجمة لهم واستعراضاً لسيرتهم عليهمالسلام.
لكن إذا نظرنا إلى ذكر التراجم وشرح أحوال الرجال والسّير مجرّدة عن بعدها الزمني في تسلسل الأحداث فهذا ليس هو التاريخ بالمعنى المصطلح ولكنّه من جهة أُخرى يعدّ من أهمّ مصادر التاريخ(٢) ، ولذلك قال فيه البعض : «يبدو أنّ ذكر السّير يعدّ من أكثر وأفضل الطرق دواماً في عرض الوقائع والأحداث التاريخية ، ويؤيّد ذلك الآثار الخطّية التي وصلت إلينا من الإمبراطوريّات التي حكمت في الشرق الأوسط في العصور القديمة ، حيث نرى أنّ عرض السّير له الصدارة من بين بقية الأساليب المتّبعة في عرض الوقائع والأحداث ، ولذلك نرى أنّ أهمّ التأليفات التاريخيّة تميل إلى استعراض الوقائع التاريخية من خلال عرض السير»(٣).
د ـ مصادر الشيخ المفيد رحمهالله في تأليفاته التاريخية :
إنّ الحقبة الزمنية التي عاشها الشيخ المفيد ـ والتي كانت تعدّ العصر
__________________
(١) (منابع تاريخ اسلام) : ٢٧ ـ ٤٣.
(٢) (منابع تاريخ اسلام) : ٢٩.
(٣) (تاريخ نگاري در اسلام) : ١٢١ ، الفصل الأوّل.