ونظراً إلى التعريف المطروح للمنهج التحليلي يبدو أنّ منهج الشيخ المفيد في تدوين التاريخ أقرب ما يكون إلى هذا التعريف ، ذلك لأنّ المؤرّخ في هذا المنهج مضافاً إلى نقله للروايات التي غالباً ما تكون تركيبية فإنّه يسعى إلى تحليلها وتبيينها ودراسة عللها ونتائجها(١) ، وكذا الشيخ المفيد فإنّه ينتقي الروايات المعنية ثمّ بعد حذف أسانيدها في أغلب المواضع يقوم بترتيبها وتنسيقها ـ وهذا ما لابدّ منه في المنهج التركيبي ـ ثمّ يرسم لنا تاريخاً جديداً لحياة الأئمّة الأطهار عليهمالسلام ، كما يسعى أيضاً ضمن إطار بنيانه الفكري في أكثر المواضع على الحصول على العلل والعوامل المحيطة بالوقائع التاريخيّة ومن ثمّ يقوم بدراستها وتبيينها ، وهذه الخصائص نستطيع أن نراها في المنهج التحليلي أكثر مما نراها في سائر المناهج الأُخرى.
٢ ـ أُسلوب كتابة التاريخ عند الشيخ المفيد رحمهالله :
إنّ أُسلوب تدوين التاريخ الذي أشرنا إلى تعريفه في أوّل هذا الفصل يرى بعض المحقّقين أنّه ينطبق على عناوين أُخر أيضاً ، حيث إنّ روزنتال انتخب لهذا الفصل عنوان (محتويات كتب التاريخ) في الوقت الذي جاءت عناوين مباحثه منسجمة مع أساليب تدوين التاريخ ، وكذا محتويات مواضيعه جاءت متطابقة مع محتويات أساليب تدوين التاريخ ، وعلى سبيل المثال فإنّه قد تكلّم هناك عن تدوين التاريخ المبتني على معرفة الأنساب والتراجم ، وهنا أيضاً تكلّم على هذا الأساس.
__________________
(١) (تاريخ نگاري در اسلام) : ٤٥.