ج ـ منهجية الشيخ المفيد رحمهالله وأسلوبه في تدوين التاريخ :
قبل أن نبيّن منهجية واُسلوب تدوين التاريخ عند الشيخ المفيد لابدّ من الإشارة هنا إلى أنّه بالرغم من أن كلمتي المنهج والاُسلوب تبدوان للوهلة الأُولى مشتركتين في المعنى ولكن إذا تأمّلنا قليلاً يتبيّن لنا ـ في هذه الرسالة على أقلّ تقدير ـ أنّهما لا يشتركان كذلك ، فالمنهج يطلق على المعاني التالية : كيفية تنظيم وتدوين التاريخ ، الإسناد وعدم الإسناد ، مدخلية العقل وعدمه والذي يطلق عليه اصطلاحاً التحليل أو عدم التحليل للحوادث والوقائع ؛ وأمّا الأسلوب فيطلق على : الموضوع ومادّة تدوين التاريخ.
وبعبارة أُخرى فالمعنى الأوّل يراد منه كيفيّة نقل الوقائع وصدق وعدم صدق الراوي وكيفية انتقال المدّونات التاريخيّة وأمثال ذلك ، والمعنى الثاني يراد منه الموضوع المعني في البحث والمكان والأفراد والشخصيّات والقبائل والأنبياء عليهمالسلام والولاة ، وهي الاُمور المعنية عند المؤرّخ عادة. وبهذا التوضيح المختصر نشير فيما يلي إلى المعنيين في تدوين التاريخ عند الشيخ المفيد.
١ ـ منهج كتابة التاريخ عند الشيخ المفيد رحمهالله :
لقد اتخذ كلّ مؤرّخ منهجاً خاصّاً في تدوين أحداث ووقائع التاريخ وتارة في تحليلها ودراستها ، وإنّ أهمّ المناهج التي اتّسمت بها أكثر المدوّنات التاريخيّة ـ خاصّة في القرون الأولى من التأريخ الإسلامي ـ هي عبارة عن المناهج الروائية والتركيبية والتحليليّة(١).
__________________
(١) (تاريخ نگاري در اسلام) : ٣٧ ـ ٤٧.