رؤية شيعية أصيلة.
وكم كان يبدو صعباً علينا تعريف مدرسة الشيخ المفيد التاريخية ، وعلى العكس من ذلك فيما يرتبط بتحديد معالم آرائه التاريخية ، فإنّه أمر في غاية السهولة ، وذلك لأنّ أفكاره الكلامية قد تركت بصماتها واضحة على كتاباته التاريخية بحيث لم يكن معها حاجة إلى تعريف مدرسته ولم يكن هناك ضرورة لذلك ، فبمجرّد دراسة سريعة لمؤلّفاته نستيطع أن نحدّد وبكلّ سهولة الأمر الذي كانت تتمحور حوله بنات أفكاره وبكلّ وضوح ، ألا وهو إثبات خلافة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وإثبات عدم صلاحية من تربّع على سدّة الخلافة من جهة ، وتبيين حقّ الأئمّة المعصومين عليهمالسلام وأفضليّتهم وصلاحيّتهم لإمامة الأُمّة وإرشاد الناس من جهة أُخرى ، وهذا البحث من أهمّ المواضيع التي نراها كثيراً ما يتردّد ذكرها في مؤلّفات الشيخ المفيد.
إنّ الكثير من كتبه ورسائله والأسئلة والأجوبة وحتّى مجالس المناظرات التي وصلتنا على قلّتها نراها ترتبط بصورة أو بأخرى بموضوع الإمامة وخلافة الأئمّة الأطهار عليهمالسلام ، وهكذا المدوّنات التاريخية للشيخ المفيد أيضاً ـ مثل الكثير من مؤلّفاته ـ قد أخذت طابعاً كلاميّاً واعتقاديّاً ، وإنّ العثور على تأليف تاريخي محض في آثاره يعدّ أمراً صعباً للغاية ، ومن هنا يمكن القول : بأنّ مقارنة مدرسته مع المدارس التاريخية الأُخرى أمر صعب ، وكذلك تعريف مدرسته بالتعاريف السائدة للمدارس الأُخرى هو كذلك في غاية الصعوبة. ولكن تبقى مدرسته لتدوين التاريخ أقرب ما تكون إلى مدرسة العراق من سائر المدارس الأُخرى.