الأئمّة المعصومين عليهمالسلام ، تلك الأُمور التي طالما تعرّضت لهجمات وسيعة من قبل أعداء الشيعة ـ خاصّة في القرن الرابع الهجري ـ ومن هنا فإنّ مبنى الشيخ المفيد في تدوينه للتأريخ لم يقتصر على ذلك فحسب بل حتّى عندما يتطرّق إلى المسائل التاريخية فإنّه ينظر إليها من منظار الأبحاث العقائدية والكلامية في أغلب الأحيان.
ولإثبات أنّ الشيخ حينما أقدم على كتابة التاريخ لم يكن هدفه التدوين بالذات نبيّن بعض الأدلّة على ذلك :
أوّلاً : إنّ الشيخ المفيد لم يتعرّض إلى الحقبة الزمنية التي عاشها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في تأليفاته إلاّ في بعض المواضع وبصورة متفرّقة غير مستقلة وهي أهمّ فترة زمنية في تاريخ الإسلام ـ لا يخفى أنّ قسماً ملفتاً للنظر من حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخاصّة فترة ما بعد عهد الرسالة قد جاء ذكرها في كتاب الإرشاد ضمن حياة أمير المؤمنين عليهالسلام ولكن هذا الموضوع لا يمكن أن يكون دليلاً لأن يغضّ الشيخ المفيد نظره عن تدوين حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بصورة مستقلّة وعلى حدة ، وهذا بحدّ ذاته دليلٌ على ما نقول ـ إلاّ أن يُقال : إنّ دليل إعراضه عن تدوين حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو لتوافق عامّة المسلمين على ذلك وهذا دليل آخر على ما نحن فيه.
وكذلك لم يتطرّق إلى حياة سيّدتنا فاطمة الزهراء عليهاالسلام إلاّ في بعض تأليفاته ضمن أبحاث أُخرى.
ثانياً : إنّ الشيخ المفيد قد ألّف في سيرة الأئمّة الأطهار عليهمالسلام كتاباً مستقلاًّ ، إلاّ أنّه يتبيّن لنا بوضوح من خلال محور المواضيع والأبحاث التي انتخبت أنّه لم يكن قاصداً تدوين نفس التاريخ ، ذلك لأنّ في نفس كتاب الإرشاد إذا ما تخطّينا حياة الإمام عليّ عليهالسلام وحياة الإمام الحسن عليهالسلام ـ لأنّه