قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

المعجزة الكبرى القرآن

المعجزة الكبرى القرآن

المعجزة الكبرى القرآن

المؤلف :محمد أبو زهرة

الموضوع :القرآن وعلومه

الناشر :دار الفكر العربي

الصفحات :432

تحمیل

المعجزة الكبرى القرآن

75/432
*

إلى معانيه أيضا ، وأنه يريد من النظم الكلمات لا ذات الكلام كله برناته القوية ، أو الهادئة التى تنساب فى النفس ، وتتغلغل فيها حتى تصل إلى أعماقها.

٤٥ ـ هذا رأى الجرجانى ، وله مقامه ، يقصر البلاغة والفصاحة على الأسلوب ومجموع العبارات التى تتضافر فى الدلالة على معان متآخية ، وتتآخى الألفاظ فى الدلالة على هذه المعانى.

وهناك فريق آخر ، ومن هؤلاء الجاحظ ، يرون للحروف وللكلمات فصاحة ، عند ما تتلاءم حروفها ولا تتجافى مخارجها ولا يكون فيها تكرار فلا فصاحة فى مثل ما رواه الجاحظ :

وقبر حرب بمكان قفر

وليس قرب قبر حرب قبر

فإن تكرار الحروف جعلها غير متلائمة ، وغير سهلة فى النطق.

وقد عقد ابن الأثير فى كتابه (المثل السائر) فصلا قيما ذكر فيه فصاحة الكلمات وقبحها ، فى رنينها وفى تآخى حروفها ، وقال : إن من الكلمات ماله نغمة أوتار ، ومنها ماله صوت حمار ، وضرب على ذلك الأمثال ، فقال : إن كلمة السيف لها مرادف ، وهو الخنشليل ، فهل هما متماثلتان فى الفصاحة والنغمة الصوتية ، ومثل كلمة غصن ، وكلمة عسلوج بمعنى الغصن ، فهل هما متماثلتان فى النغمة وسهولة النطق.

ويبدو من كتاب إعجاز القرآن للباقلانى أنه يرى أن للكلمات ذاتها فصاحة خاصة ، وأن تخيرها يدل على قدرة قائلها ، وعلو بيانه ، فإذا كانت المعانى البلاغية لجملة القول ، ففي اختيار الألفاظ المتناسبة فى موسيقاها ، وفى نغمتها وفى رنتها قوية أو هادئة على حسب المقام ، فللفظ دخل فى الاختيار. ويقول الباقلانى فى ذلك :

«قد علم أن تخير الألفاظ للمعانى المتداولة المألوفة ، والأسباب الدائرة بين الناس أسهل وأقرب من تخير الألفاظ لمعان مبتكرة ، وأسباب مؤسسة مستحدثة ، فإذا برع اللفظ فى المعنى البارع كان ألطف وأعجب من أن يوجد اللفظ البارع فى المعنى المتداول المتكرر ، والأمر المتقرر المتصور ، ثم انضاف إلى ذلك التصرف البديع فى الوجوه التى تتضمن تأييد ما يبتدأ تأسيسه ، ويراد تحقيقه بأن التفاضل فى البراعة والفصاحة ، ثم إذا وجدت الألفاظ وفق المعانى والمعانى وفقها لا يفضل أحدهما على الآخر ، فالبراعة أظهر».

ثم يقول :

«وأنت ترى جمال الكلمة من القرآن يتمثل فى تضاعيف كلام كثير ، وهى غرة جبينه ، وواسطة عقده ، والمنادى على نفسه بتميزه ، وتخصصه ، برونقه وجماله ، واعتراضه فى حسنه ومائه» (١).

__________________

(١) إعجاز القرآن للباقلانى ص ٦٤.