ونقول فى الجواب على ذلك ، إننا نتكلم فى علم الكتاب ، فمهما نتكلم فى الأسرة ، فإننا نتكلم فى موضوع علم القرآن الذى علمنا الله تعالى إياه ، وأننا لم نأت بكل ما جاء فى القرآن عن الأسرة ، ولكن اكتفينا ببعض ما جاء ليكون دليلا على ما وراءه وإشارة لما بعده.
وقد ذكرنا الأسرة فى القرآن ، وتكاد كل أحكامها تكون ثابتة بالقرآن الكريم ، والسنة مبينة لبعض ما يحتاج إلى بيان كلفظ القروء فى قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة : ٢٢٨]. فالسنة هى التى بينت أن القروء هى الحيضات على أصح الروايات فى السنة.
ولقد قررنا من قبل ما نتلمسه حكمة لتصدى القرآن لكل أحكام الأسرة.
ونقول الآن أن أحكام الأسرة فى الإسلام كانت موضع تهجم من بعض الذين ليس للدين حريجة فى صدورهم من الرجال والنساء ، فأرادوا أن يجعلوا الأسرة الإسلامية خاضعة لما سموه تطورا ، وما تطورهم إلا تجانف لناحية المسيحية ، فالمسيحية فى زعمهم تحرم تعدد الزوجات ، والمسيحية فى زعمهم تمنع الطلاق ، فيجب أن تكون الأسرة فى الإسلام تمنع التعدد ، وتمنع الطلاق (١) ، وهكذا دفعهم التقليد ، والإسلام يجعل للرجل قوامة على المرأة ، وهم لا يريدون ذلك ، ويريدون أن يكون البيت فوضى وهكذا.
ولقد وصل بهم الإنكار لحقائق الإسلام أن تهجموا على نظام الميراث ومنهم من يتمرد عليه ، اتباعا لأهوائهم ، ونحن نقول لهم : دعوا التقليد الأعمى ، ودعوا التفكير الأعوج ، واعلموا أن الأمر فى ذلك أمر القرآن ومن علم غير القرآن فقد كفر ، فإن تمردتم باسم التطوير ، وهو عمى التقليد فاعلموا أنكم على شفا جرف من الكفر ، لأن من أنكر أحكام القرآن أو من خالفها جاحدا ، فهو كافر ، فكونوا كما تشاءون ، فإن كنتم مؤمنين فخذوا بالقرآن ، وإن كنتم غير ذلك «فلكم دينكم ولي دين».
الزواجر الاجتماعية
٢٠٥ ـ هذا هو القسم الرابع من الأحكام التى اشتمل عليها القرآن الكريم ، وقد شرع القرآن من العقوبات الرادعة ما تتطهر به المجتمعات من الرذيلة ، وتتجه ناحية الفضيلة ، ويتحقق الخير فى كل مظاهر الحياة خاليا من أدران الشر.
والعقوبات فى الإسلام قسمان : عقوبات مقدرة ، وعقوبات غير مقدرة. والعقوبات المقدرة تعد أعلى العقوبات فى نوعها ، وغير المقدرة تعد دون الأعلى ، وقد
__________________
(١) وقد كتبنا بحثنا فى بيان أن التعدد كما جاء فى القرآن ، والطلاق أمثل نظام لتكوين أسرة فاضلة ، نشر فى السنة الخامسة عشرة من مجلة القانون والاقتصاد.