الإمام وهو متواتر فتكون فى معنى المتواترة ، وموافقتها للمنهاج العربى ، فلا يكون فيها ما يخالف المنهاج العربى.
القسم الثالث : الشاذة وهى المخالفة للمصحف الإمام ، ولم تثبت بسند صحيح ، ولو بطريق الآحاد.
وإنى أرى ألا يقبل إلا المتواتر.
ويجب التنبيه إلى أمر وهو أن القراءات السبع المنسوبة للقراء السبعة قيل أنها لا تخلو من شاذ مرفوض ، وإن كانت فى جملتها مشهورة ، جاء فى كتاب إعجاز القرآن للمرحوم الكاتب الكبير مصطفى صادق الرافعى رضى الله عنه نقلا ما نصه :
«لا تخلو إحدى القراءات من شواذ فيها حتى السبع المشهورة ، فإن فيها من ذلك أشياء».
وازن بين هذا ، وبين القراءتين اللتين زيدت فى إحداهما (واو) ، وقيل أنها موافقة للمصحف الشامى.
وفى الأخرى (من) وقيل أنها موافقة للمصحف المكى.
فائدة وجوه القراءات
٢٤ ـ إن القراءات كما ذكرنا هى ترتيل القرآن الذى علمنا الله إياه على لسان نبيه صلىاللهعليهوسلم إذ علمه ربه ونسب الترتيل إلى ذاته العلية ، فقال تعالى : (وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) [الفرقان : ٣٢] ، وأمر نبيه بهذا الترتيل هو ومن اتبعه فقال تعالت كلماته : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) [المزمل : ٤] فكانت القراءات التى نزل بها القرآن هى تصريف ذلك الترتيل وتنويعه ، وكما أن المعانى القرآنية صرفها الله تعالى من الاستفهام إلى التقرير ، ومن الاستنكار والتوبيخ إلى التهذيب والتأديب ، وكما صرف الله آياته كما قال تعالى : (وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (١٠٥) [الأنعام : ١٠٥] فقد صرف تلاوته وترتيله ، فكان الترتيل فى التأليف الصوتى ، والتناسق فى النطق ، وتنوع ذلك التناسق من ارتفاع ومد طويل ، إلى خفض ومد قصير ، مما يشبه التأليف الموسيقى ، وإن كان أعلى لأنه ليس من صنع البشر ، ويجد القارئ فى ذلك التنويع ما يجعله يترنم بالقرآن فى إجلاله ، وروعة بيانه ودقة معانيه.
وأمر ثان يبدو فى تنويع القراءات مع ثبوت تواترها وأنها عن الله العلى القدير ، نجد أن اختيار قراءة من القراءات فى المقام الذى تناسبه يكون توضيحا للمعنى ، ومناسبا للمؤدى ، فمثلا قراءة الإمالة تكون فى الوضع اللين والخطاب الرفيق ، ويتركها القارئ الفاهم فى موضع التهديد والإنذار إلى قراءة أخرى تناسب التهديد والإنذار