٢٤٢ ـ كان بعض
أساتذتنا ـ رحمهمالله ـ يرى أن القرآن الكريم لا يحتاج إلى تفسير إلا فى بعض الألفاظ الغريبة على
القارئ ، فإنه يستعين عليها بالمعاجم تبينها ، أو بالأحرى تقربها للقارئ ، وإلا
بعض آيات الأحكام والمجملات المبينة بالسنة ، فإنها تفصلها وتوضح بالعمل والقول
مراميها وغايتها ، وما عدا ذلك فإنه بين لا يحتاج إلى بيان ، إلا أن يكون متشابها
لم يعرف بيانه بسنة ثابتة السند فإن هذا لا تفسير له ، ومن الحق أن يقول فيه
التالى لكتاب الله سبحانه وتعالى : (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ
مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) ، وكما قال تعالى فى الراسخين فى العلم : (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ
عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ (٧) رَبَّنا لا تُزِغْ
قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ
أَنْتَ الْوَهَّابُ) (٨) [آل عمران : ٧ ، ٨]. هذا نظر أستاذنا الكبير بلل الله تعالى ثراه.
ولا شك أن قول
هذا له سند من القرآن الكريم ، فقد وصف بأنه مبين أى بين ، والبين لا يحتاج إلى
تبيين ، ووصف آياته بأنها بينات ، فقد قال تعالى : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ
اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ
سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ
وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١٦) [المائدة : ١٥ ، ١٦].
وقال تعالى : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) (١) [يوسف : ١].
وقال تعالى : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ
مُبِينٍ) (١) [الحجر : ١].
وقال تعالى : (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ
الْعالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ
لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (١٩٥) [الشعراء : ١٩٢ ـ ١٩٥].
وقال تعالى : (طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ
مُبِينٍ) (١) [النمل : ١].
ويقول جل شأنه
: (وَإِذا تُتْلى
عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوا
بِآبائِنا) [الجاثية : ٢٥].
وقال تعالى : (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ
مُبَيِّناتٍ) [النور : ٣٤].
وإن هذا كله
يدل على أن القرآن بين ، وكيف يحتاج الكلام البين إلى من يبينه ، إنه يبين نفسه ،
وهذا بخلاف المجمل من آيات الأحكام ، فإنه قد جاء النص بأنه يبينه النبى صلى الله
تعالى عليه وسلم. فقد قال تعالى : (وَأَنْزَلْنا
إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) [النحل : ٤٤].
٢٤٣ ـ هذه نظرة
خاطرة لأحد شيوخنا ، ولعل الذى دفعه إلى ذلك القول ما تورط فيه بعض المفسرين من
نقل إسرائيليات قد تفسد المعنى الذى يبدو بادى الرأى