وهكذا يربى
القرآن الكريم الأسرة ، ويقيمها على دعائم من المودة والرحمة ، ورعاية القوى
للضعيف ورحمة الكبير بالصغير ، وإكرام الصغير للكبير.
إنهاء الحياة الزوجية غير الصالحة :
١٩٣ ـ تقوم
الحياة الزوجية فى الإسلام على أساس المودة المواصلة والرحمة بين الزوجين. وتنشئه
الأولاد على نزوع الرحمة والتآلف ، والائتلاف بالمجتمع ، وقد أشار الله تعالى إلى
ذلك فى قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ
خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ
بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (٢١). [الروم : ٢١]
ووصف سبحانه
وتعالى العلاقة بين الزوجين بقوله تعالى : (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ
لِباسٌ لَهُنَ) ، وأثبت أن التزاوج للأنسال والرحمة بين الناس ، فقال
تعالى : فيما تلوناه من قبل : (يا أَيُّهَا النَّاسُ
اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها
زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي
تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (١) [النساء : ١].
وإذا كانت
العلاقة الزوجية تقوم على المودة والتفاهم ، لا على المباغضة والتنافر ، فإنه إذا
تنافرت القلوب ، وأصبحت غير قابلة للالتئام ، فإن بقاء هذه الحياة ليس فى صالح
الأسرة ، ولا فى مصلحة المجتمع المتواد المتراحم ، ولقد عالج القرآن الكريم كما
رأينا هذه الحالة عند ما تنشعب القلوب ، فإذا لم يجد علاج بينهما ولا علاج من
ذويهما ، فإن الإنهاء أولى من الإبقاء ، ولذلك قال تعالى فيما تلونا : (وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا
مِنْ سَعَتِهِ) [النساء : ١٣٠] فعندئذ يكون الطلاق أمرا غير محظور.
ويلاحظ أنه عند
الطلاق الذى يكون بيد الرجل تحل البغضاء محل المودة أنه لا بد من تحقيق أمور ثلاثة
:
أولها
ـ التسريح يكون
بإحسان من غير مشاحة ، ولا معاندة ، فقد تلونا من قبل قوله تعالى : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ
فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ
بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا) [البقرة : ٢٣١].
والإحسان يوجب
أن يعمل على أن تكون نفسها طيبة بإنفاق مال عليها ويكون متعة طلاق لها ، وقد
أوجبها القرآن الكريم فى قوله تعالى : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ
مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١) كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ
لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٢٤٢). [البقرة : ٢٤١ ، ٢٤٢]