إلى الجنة فهي تأكل وتشرب وتتنعم فيها (١) ، وفيه دليل على أن الاستعاذة بالله والالتجاء إليه وسؤال الخلاص منه تعالى عند المحن من سير الصالحين وسنن النبيين.
(وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ (١٢))
قوله (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ) عطف على (امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ) ووصفها تفضيلا لها في الإخلاص (٢) بقوله (الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها) أي عفت ومنعت نفسها عن الفواحش أو منعته جبرائيل عليهالسلام (٣)(فَنَفَخْنا فِيهِ) أي أرسلنا ونفخ في فرجها ، وقيل : فرجها جيبها (٤)(مِنْ رُوحِنا) أي روحا من أرواحنا وهو روح عيسى عليهالسلام (وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها) أي بشرائعه أو بالبشارات التي بشرها جبرائيل بها (وَكُتُبِهِ) مفردا وجمعا (٥) ، أي وصدقت بكتبه المنزلة على الأنبياء (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) [١٢] أي المطيعين لربها ولم يقل القانتات تغليبا للذكر على الأنثى في فضل القنوت ، وفي هذين التمثيلين تعريض بأمي المؤمنين المذكورتين عائشة وحفصة في أول السورة أن من حقهما أن تكونا في الإخلاص والكمال كمثل هاتين المؤمنتين المخلصتين وأن لا تتكلا على أنهما زوجات رسول الله عليهالسلام فان ذلك الفضل (٦) لا ينفعهما إلا مع كونهما مخلصتين في إيمانهما بالنبي على السّلام وإطاعة أمره وحفظ سره (٧).
__________________
(١) أخذه المؤلف عن الكشاف ، ٦ / ١٣٣.
(٢) في الإخلاص ، ح و : بالإخلاص ، ي.
(٣) عليهالسلام ، ح : ـ وي.
(٤) هذا القول منقول عن السمرقندي ، ٣ / ٣٨٤.
(٥) «كتبه» : قرأ حفص والبصريان بضم الكاف والتاء علي الجمع ، والباقون بكسر الكاف وفتح التاء وألف بعدها على الإفراد. البدور الزاهرة ، ٣٢٣.
(٦) الفضل ، و : ـ ح ي.
(٧) عليه وعلى آله أفضل الصلوات وأكمل التحيات ، + ي.