(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٧٧))
(إِنَّ فِي ذلِكَ) أي في هلاكهم (لَآيَةً) أي لعبرة (لِلْمُؤْمِنِينَ) [٧٧] أي للمصدقين.
(وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ (٧٨))
ثم قال (وَإِنْ كانَ) أي وقد كان (أَصْحابُ الْأَيْكَةِ) أي الغيضة وهي شجر مجتمع ملتف في واد ، وهم قوم شعيب عليهالسلام (لَظالِمِينَ) [٧٨] لأنه دعاهم إلى الحق فأبوا فصاروا كافرين به ، واللام للتأكيد.
(فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ (٧٩))
(فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ) بالعذاب ، روي : أن الله سلط عليهم الحر سبعة أيام فبعث الله سحابة فالتجؤا إليها استطلالا بها ، فأنزل عليهم منها نارا فأحرقتهم (١) ، وهو عذاب يوم الظلة (وَإِنَّهُما) أي مدينة قوم لوط والأيكة أو الأيكة ومدين ، لأن شعيبا أرسل إليهما معا فذكروا إحديهما دل على ذكر الأخرى ، والباء بمعنى «في» في قوله (لَبِإِمامٍ مُبِينٍ) [٧٩] أي لفي طريق واضح يؤتم به ويستدل على المقصد.
(وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (٨٠))
(وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ) [٨٠] وهم قوم صالح كذبوا صالحا وحده فكأنهم كذبوا جميع المرسلين أو المراد صالح ومن معه من المؤمنين ، والحجر واد بين المدينة والشام من أرض ثمود.
(وَآتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٨١))
(وَآتَيْناهُمْ آياتِنا) وهي الناقة وولدها والبئر أو المراد الناقة وحدها ، وفيها آيات كثيرة من خروجها من الصخرة وكبرها على سائر الحيوانات وقرب ولادتها مثلها وكثرة لبنها وأكلها وشربها (فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ) [٨١] أي بها مكذبين.
(وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ (٨٢))
(وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ) [٨٢] من الخراب ووقوع الجبل عليهم وثقب اللصوص وشر الأعداء وحوادث الدهر لوثاقة البيوت فعقروا الناقة وقسموا لحمها.
(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (٨٣) فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٤))
(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ) أي صيحة جبرائيل (مُصْبِحِينَ) [٨٣] أي داخلين في الصبح (فَما أَغْنى) أي ما نفع (عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) [٨٤] من الكفر والمعاصي أو من عددهم وعددهم وتشييد حصونهم. عن جابر مررنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الحجر فقال لنا : «لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين حذرا أن يصيبهم مثل ما أصاب هؤلاء» (٢).
(وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (٨٥))
(وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ) أي إلا ملابسا بالصدق وهو الحكمة لا بالبعث والباطل ، يعني لينظروا إليها ويعتبروا فيؤمنوا بك يا محمد (٣) وهم يكذبونك (وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ) أي لكائنة لا محالة لننتقم لك فيها من أعدائك (فَاصْفَحِ) أي أعرض عنهم واحتمل أذاهم (الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) [٨٥] أي الإعراض الحسن وهو كونه بلا حقد وجزع منك ، نسخ بآية السيف (٤).
__________________
(١) أخذه المصنف عن البغوي ، ٣ / ٤٠٨.
(٢) رواه مسلم ، الزهد ، ٣٩ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٣ / ٤٠٩.
(٣) يا محمد ، س : ـ ب م.
(٤) أخذه عن البغوي ، ٣ / ٤٠٩ ؛ وانظر أيضا النحاس ، ١٧٩ ؛ وهبة الله بن سلامة ، ٥٨ ؛ وابن الجوزي ، ٤١.