قال : كان قد وقع السؤال عن الروح والكهف وذي القرنين ، وقد وقع بمكة على ما قدمنا (١). والآيات فيها مكيّة ، وهذا سؤالهم بالمدينة ثانيا.
والاسكندر هو ذو القرنين الثاني ، قال عمر بن الخطاب : هو ملك من الملائكة. (٢) وقيل : متولّد بين عبري ، وهو ملك ، وبين قبريّ ، وهي إنسيّة. وزعم المجوس : أنّه دارا بن بهمن بن أسفنديارين بنت قيلقوس. (٣) وزعمت النصارى : أنّه من صلب قيلقوس ، لا عرق للمجوس فيه. وهذا أصحّ.
وذو القرنين الأوّل هو فريدون الذي يسمّى النمرود. وقيل : الضحاك.
واختلف في الخضر عليهالسلام أنّه على مقدمة أيّهما كان حين وجد ماء الحيوان ، وإنّما سمّي ذو القرنين الأوّل بذلك ؛ لأنّه عاش ، وامتدّ عمره حتى هلك قرن مع ابنه ابرح ، وقرن مع ابنه منو شهرا ، أو لأنّه بنى حصنين في (٤) الدنيا ، والحصون تسمّى قرونا وصياصي ، أو لأنّه ملّك ابنه توس على المشرق ، وابنه سلما على المغرب ، فهما من الناس بمنزلة قرني ذوات القرون ، أو لحديث الحيّتين على منكبيّ الضحاك.
وإنّما سمّي الثاني بذلك لانتهائه إلى قرني المعمورة ، وهما (٥) طرفاها من مطلع الشمس عليها إلى مغربها ، أو لطول حميتها على رأسها.
وذكر الطحاويّ (٦) في كتاب مشكل الأخبار (٧) ، عن أبي الطفيل (٨) قال : قام عليّ على المنبر فقال : سلوني قبل أن لا تسألوني ، ولن تسألوا بعدي مثلي ، فقام إليه ابن الكوّاء (٩) ، فقال : ما كان ذو القرنين ، أملكا كان أم نبيّا؟ قال : لم يكن ملكا ولا نبيّا ، ولكنّه كان عبدا صالحا ، أحبّ الله ، فأحبّه ، وناصح الله فناصحه ، ضرب على قرنه الأيمن فمات ، ثمّ بعثه الله ، وضرب على قرنه الأيسر فمات ، وفيكم مثله. وأراد بالقرن جانب الرأس.
٨٥ ـ (فَأَتْبَعَ سَبَباً) : السبب : العلم الذي يوصل به إلى الشيء.
__________________
(١) ك : قدمت.
(٢) ينظر : الدر المنثور ٥ / ٣٨٤ ، وتفسير الخازن ٣ / ١٧٥.
(٣) ينظر : تاريخ دمشق ١٧ / ٢٣١ عن أبي عبيدة.
(٤) ساقطة من أ.
(٥) ساقطة من أ.
(٦) الإمام أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الحجري المصري الطحاوي الحنفي ، توفي سنة ٣٢١ ه. ينظر : تاريخ دمشق ٥ / ٣٦٧ ، وطبقات الحفاظ ٢٣٩ ، والفوائد البهية ٣١.
(٧) ٥ / ١١٩ ـ ١٢٠ ، والكتاب مطبوع باسم «شرح مشكل الآثار».
(٨) عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو بن جحش الكناني ثم الليثي ، له صحبة ، توفي سنة ١٠٠ ه ، وهو آخر من مات من الصحابة. ينظر : الطبقات الكبرى ٦ / ٦٤ ، ورجال مسلم ٢ / ٨٧ ، والاستيعاب ٢ / ٧٩٨.
(٩) أبو عمرو عبد الله بن أوفى ، ويقال : بن عمرو ، ابن النعمان اليشكري ، المعروف بابن الكوا ، توفي سنة ه. ينظر : تاريخ دمشق ٢٧ / ٩٦ ، وغوامض الأسماء المبهمة ١ / ٢٥٤.