هذه القضية ـ قضية الابتلاء ، بهذه الأحداث والوقائع ، كانت مثار نقاش كبير ، وجدل كثير ، منذ قديم الزمان ، وخبّ فيها ووضع القصّاص ونقلة الأخبار والرواة الكثير من الأقوال. وقد ساعدهم على ذلك ، أن فى التوراة والانجيل ، ما يثبت لبعض الأنبياء كداود ، ما يترفع عنه عامة الناس ، فكيف الحال مع الأنبياء والمرسلين؟
ونحن المسلمين ، المتمسكين بالكتاب والسنة ، نقول بعصمة الأنبياء ، وترفعهم عن الدنايا والسقطات ، وبعدهم عن سفاسف الأمور قولا وعملا ، فإننا نرى أن زعماء الإصلاح ، على مر الدهور ، قوم غير عاديين ، يكونون غالبا بعيدين عن الدنيا ، والأنبياء ـ عليهم رضوان الله وسلامه ـ أولى بذلك منهم ، لأنهم قوم اصطفاهم الله ، واختارهم ، وصنعهم على يده ، فأرواحهم طاهرة ، ونفوسهم عالية ، يستحيل عليهم ما ذكره أحبار اليهود فى حقّهم ، ونقله بعض علماء المسلمين ، ورووه على ألسنتهم ، ودونوه فى كتبهم بحسن نية.
ولم يقف الأمر عند هذه الروايات الموقوفة عن بعض الصحابة والتابعين ـ من أمثال ابن عباس ، وابن مسعود ، وأنس بن مالك ، ومجاهد ، والسدّى ، وغيرهم .. بل جاء بعضها مرفوعا إلى النبى المصطفى ـ صلىاللهعليهوسلم.
قال السيوطى ـ فى الدر المنثور (١) ، وأخرج الحكيم الترمذى فى نوادر الأصول ، وابن جرير بسنده ، عن أنس بن مالك ـ رضى الله عنه قال : «سمعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : «إن داوود ـ عليهالسلام ـ حين نظر إلى المرأة ، قطع على بنى إسرائيل ، وأوصى صاحب الجيش ، فقال : إذا حضر العدو فقرّب فلانا بين يدى التابوت ، وكان التابوت فى ذلك الزمان يستنصر به ،
__________________
(١) ج ٥ ص ٣٠٠