الفصل الثانى
آدم أبو البشر ـ وقضية الاستخلاف فى الأرض
شاء الحق ـ تبارك وتعالى ـ أن يخلق الكون وفق إرادته وحكمته ، ليظهر كمال علمه وقدرته ، بظهور أفعاله المتقنة المحكمة ، وليثبت أنها لا تأتى إلا من قادر حكيم ، وليعبد فى هذا الكون ، فإنه يحب عبادة العابدين ، ويثيبهم عليها على قدر فضله ، لا على قدر عبادتهم وأفعالهم ، وإن كان غنيا عن عبادة خلقه ، لا تزيد فى ملكه طاعة المطيعين ، ولا ينقص من ملكه معصية العاصين.
قال الله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ. ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ ، وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) [الذاريات : ٥٦ ، ٥٧] ـ وليظهر إحسانه على خلقه لأنه محسن ، فأوجدهم ليحسن إليهم. وليتفضل عليهم ، فيعامل بعضا بالعدل ، وبعضا بالفضل.
قال عزوجل : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ، ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ، ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) [الروم : ٤٠]
قال المفسرون : خلقكم لإظهار القدرة ، ثم رزقكم لإظهار الكرم ، ثم يميتكم لإظهار القهر والجبروت. ثم يحييكم لإظهار العدل والفضل ، والثواب والعقاب.
* فلما أراد الحق ـ سبحانه ـ أن يخلق أساسيات هذا الكون «السماوات والأرض». خلق جوهرة خضراء ، أضعاف طبقات السموات والأرض ، ثم نظر إليها نظرة هيبة ، فصارت ماء ، ثم نظر إلى الماء فغلى ، وارتفع منه زيد ، ودخان ، وبخار ، وأرعد من خشية الله ، فمن ذلك يرعد إلى يوم القيامة ، فخلق الله من ذلك الدخان : السماء ، وخلق من الزّبد الأرض.