فقال داود : (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ) أى لقد ظلمك بهذا الطلب حين أراد انتزاع نعجتك منك ليكمل ما عنده إلى مائة.
قال السدّى ـ باسناده ـ إن أحدهما لما قال : (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً) قال داود للآخر : ما تقول؟. قال : إن لى تسعا وتسعين نعجة ، وله نعجة واحدة ، فأريد أن آخذها منه ، وأكمل نعاجى مائة ، قال : وهو كاره؟ .. قال : نعم.
قال داود : إذا لا ندعك ، وإن رمت ذلك ضربنا منك هذا وهذا ، يعنى طرف الأنف ، وأصل الجبهة.
فقال الرجل : يا داود .. أنت أحق بضرب هذا منى ، حيث كان لك تسع وتسعون امرأة ، ولم يكن لأورياء إلا امرأة واحدة ، فلم تزل تعرضه للقتال حتى قتل ، وتزوجت امرأته.
فهذا هو وجه الآية .. وقصة الإمتحان ، إلّا أن داود حكم قبل أن يسمع كلام الخصم الآخر.
ل : ثم إن داود نظر فلم ير أحدا ، فعرف ما قد وقع فيه ، فذلك قوله تعالى : (وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ) [سورة ص ٢٤] أى ابتليناه ، أى علم وأيقن إنما اختبرناه بهذه الحادثة ، وتلك الحكومة.
قال سعيد بن جبير : إنما كانت فتنة داود النظر ، ولم يتعمد داوود ـ عليهالسلام ـ النظر إلى المرأة ، ولكنه أعاد النظر إليها ، فصارت عليه وبالا. لذلك حث رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ على عدم تعدد النظر ، فقال : «لا تتبع النظرة ، فإن لك الأولى ، وعليك الآخرة».