إذنه ، لأنه كان فى محرابه ، وهو أشرف مكان فى داره ، وكان قد أمر أن لا يدخل عليه أحد ذلك اليوم ، فلم يشعر إلّا بشخصين قد تسوّرا عليه المحراب ، أى احتاطا به يسألانه عن شأنهما.
(قالُوا : لا تَخَفْ. خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ ، فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ)
أى لا تخف منا فنحن فوجان مختصمان تعدّى بعضنا على بعض ، فاحكم بيننا بالعدل ، ولا تجر ، ولا تفرط ، ولا تظلم فى الحكم (وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ) أى وأرشدنا إلى وسط الطريق ، يعنى إلى الطريق الحق ، المستقيم الواضح.
وهنا نكون قد وصلنا إلى موضوع القضية .. بداية قصة الخصمين المتخاصمين ..
قال أحدهما : (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ) [سورة ص : ٢٣]
قال بعض المفسرين : وهذا من أحسن التعريض ، حيث كنّى بالنعاج عن النساء. والعرب تفعل ذلك كثيرا ، تورّى عن النساء ، وتكنى عنها بألقاب كالظباء ، والنعاج ، والبقر ، وهو كثير فاشى فى أشعارهم. فقد يكون هذا كناية عن النساء ، فيكون الغرض : إن عنده تسعا وتسعين امرأة ، وعندى امرأة واحدة.
فقال : (أَكْفِلْنِيها) أى اعطنيها ، وتحول لى عنها ، ملّكنى إياها ، واجعلها تحت كفالتى.
(وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) أى غلبنى فى الخصومة ، وكان أفصح منّى ، وشدّد علىّ فى القول وأغلظ ، وإن حارب كان أبطش منى.