قال السدى : رآها تغتسل على سطح لها ، فرآها من أحسن النساء خلقا ، فتعجب داود من حسنها ، وحانت منها التفاتة ، فأبصرت المرأة ظل داود ـ عليهالسلام ـ فنشرت شعرها ، فغطى بدنها كله ، فزاد بذلك إعجابا بها ، فسأل عنها ، فقيل له :
هى سابع بنت شائع ، امرأة أورياء بن حنان ، وزوجها فى غزاة البلقاء مع أيوب بن صوريا ، ابن أخت داود.
فكتب داود إلى ابن أخته أيوب ، صاحب بعثة بلقاء ، أن أبعث أورياء إلى موضع كذا وكذا ، وقدّمه على التابوت ـ وهو صندوق فيه بعض مخلفات أنبياء بنى إسرائيل ، فكانوا يقدمونه بين يدى الجيش ، كى ينصروا ، وكان المقدم على التابوت لا يحل له أن يتقهقر إلى ورائه ، حتى يفتح الله على يديه ، أو يستشهد ، فبعث به ففتح له ، فكتب إلى داود بذلك ، فكتب إليه داود أيضا .. أن ابعثه إلى غزوة كذا ، وكان رئيسها أشد منه بأسا ، فبعثه فقتل فى المرة الثانية .. فلما انقضت عدّتها ، تزوجها داود ، فهى أم سليمان ـ عليهالسلام (١).
فلما دخل داوود بامرأة أورياء ، لم يلبث إلا يسيرا حتى بعث الله ملكين فى صورة رجلين ، فطلبا أن يدخلا عليه ، فوجداه فى يوم عبادته ، فمنعهما الحراس أن يدخلا عليه ، فتسوّرا المحراب وهو يصلى ، فما شعر إلّا وهما بين يديه جالسان ، فذلك قوله تعالى :
(وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ. إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ) [سورة ص ٢١ ، ٢٢] ففزع منهم حين هجما عليه فى محرابه بغير
__________________
(١) قصص الأنبياء للثعالبى ٣١٠ ، والدر المنثور للسيوطى ج ٥ ص ٣٠٠ ، وقصص الأنبياء لابن كثير ٤٩٠