فيما يقرأ من الكتب فضل إبراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب عليهمالسلام ، فيقول : يا رب .. أرى الخير قد ذهب به آبائى ، الذين كانوا قبلى .. فأوحى الله ـ تعالى ـ إليه : إنهم ابتلوا ببلايا لم يبتل بها أحد ، فصبروا عليها .. ابتلى إبراهيم ـ عليهالسلام ـ بنار النمروذ ، وبذبح ولده ، وابتلى يعقوب بالحزن وذهاب بصره على يوسف ، وإنك لم تبتل بشىء من ذلك».
فقال داود ـ عليهالسلام ـ يا رب فابتلينى كما ابتليتهم ، وأعطنى كما أعطيتهم ..
فأوحى الله تعالى إليه : إنك مبتلى فى شهر كذا .. فى يوم كذا ، فاحترس على الصبر ..
فلما كان اليوم الذى وعده الله ، دخل داود محرابه ، وأغلق بابه ، وجعل يصلى ، ويقرأ الزبور ، استعدادا للأمر.
ـ فماذا كان نوع الابتلاء العظيم .. والامتحان الرهيب؟
ذكر ابن جرير ، وابن أبى حاتم ، والبغوى ، والسيوطى (١) ، من الأخبار والوقائع ما تقشعر منه الأبدان.
قالوا : «بينما داود فى محرابه يصلى ، إذ جاءه الشيطان ، وتمثل فى صورة حمامة من ذهب ، فيها من كل لون حسن ، فوقعت بين يديه ، فمدّ يده ليأخذها ـ وفى بعض الروايات : ليدفعها إلى ابن له صغير ، فلما أهوى إليها ، طارت غير بعيد ، من غير أن تؤيسه من نفسها ، فامتد إليها ليأخذها ، فتنحّت فتبعها ، فطارت فوقعت فى كوّة المحراب ، فذهب ليأخذها ، فطارت من الكوة ، فنظر داود أين تقع ، فيبعث إليها من يصيدها ، فإذا هو بامرأة فى بستان على شط بركة تغتسل. هذا قول الكلبى.
__________________
(١) الدر المنثور ج ٥ ص ٣٠٠