ليختاروه. ولو [كانوا] (١) أعلم منه لكانوا بالإمامة أولى منه ، ولم يكن لهم أن يختاروه ، وليس لهم أن يختاروا أنفسهم ، وهذا يبطل الاختيار.
لا يقال : لا يجب أن يكون المرء أعلم من غيره حتّى يعلم فضل علمه ، بل المرجوح أبدا يعلم فضل الراجح ، فإنّا نعلم رجحان أبي حنيفة (٢) في الفقه على غلمانه ، وسيبويه (٣) في النحو.
لأنّا نقول : مسلّم أنّ المرجوح يعلم أنّ الراجح أفضل [منه ، أمّا أن يعلم أنّه أفضل] (٤) من آخر غيرهما فممنوع.
الوجه الخامس والعشرون : لو وجب نصب الرئيس على الخلق ، فإمّا أن يشترط العلم باستحالة الظلم والتعدّي منه ، أو لا.
والأوّل هو القول بالعصمة ، ولا يعلمها إلّا الله تعالى.
__________________
(١) في «أ» : (كان) ، وما أثبتناه من «ب».
(٢) هو النعمان بن ثابت بن زوطى بن ماه ، الفقيه الكوفي ، التيمي الولاء ، إمام الحنفية ، الفقيه المجتهد أحد الأئمّة الأربعة عند أهل السنّة ، أصله من فارس ، وولد بالكوفة سنة ٨٠ ه ونشأ بها ، كان خزّازا يبيع الخزّ ، ثمّ اشتغل بالتدريس والإفتاء. نقله أبو جعفر المنصور من الكوفة إلى بغداد كي يولّيه القضاء فأبى ، فحسبه إلى أن مات سنة ١٥٠ ه ، روي عنه الكثير من الأخبار والحكايات. انظر : تاريخ بغداد ١٣ : ٣٢٣ ـ ٤٥٤. وفيات الأعيان ٥ : ٤٠٥ ـ ٤١٥. تاريخ الإسلام (حوادث ووفيات ١٤١ ـ ١٦٠) : ٣٠٥ ـ ٣١٣. الأعلام ٨ : ٣٦.
(٣) هو عمرو بن عثمان بن قنبر ، يكنّى أبا بشير ، مولى بني الحارث بن كعب. ولد سنة ١٤٨ ه في إحدى قرى شيراز ، وأصله من البيضاء من أرض فارس. نشأ في البصرة ، وتتلمذ على يد علمائها ، فقد أخذ النحو عن الخليل بن أحمد ، وعيسى بن عمر ، ويونس بن حبيب ، وغيرهم. وأخذ اللغة عن الأخفش وغيره. وكان أنيقا جميلا. ورد بغداد وتناظر مع الكسائي ، ثمّ بعد ذلك قصد بلاد فارس. اختلف في مكان وفاته وسنتها ، فقيل : في شيراز سنة ١٨٠ ه وقيل : بالبصرة سنة ١٦١ ه. وهو أوّل من بسّط علم النحو ، وله مؤلّفات منها : (كتاب سيبويه) لم يضع قبله ولا بعده مثله. تاريخ بغداد ١٢ : ١٩٥ ـ ١٩٩. وفيات الأعيان ٣ : ٤٦٣ ـ ٤٦٥. معجم الأدباء ١٦ : ١١٤ ـ ١٢٧. الأعلام ٥ : ٨١
(٤) من «ب».