ثابتا في كلّ وقت لزم التكليف بالعلم الكسبي مع عدم طريق مفيد له ، وذلك تكليف ما لا يطاق.
لا يقال : النهي عن الشيء لا نسلّم أنّه يستلزم الأمر بضدّه ، فلا يلزم من عدم التفرّق وجوب الاجتماع. ولأنّ النهي عن التفرّق ليس بعامّ ، بل في الأصول وفي [الجهاد] (١) ، وما المطلوب فيه الاجتماع خاصّة.
لأنّا نجيب :
عن الأوّل بأنّ الناس اختلفوا في متعلّق النهي ؛ فقال أبو هاشم (٢) وأتباعه : إنّه عدم الفعل (٣). وقالت الأشاعرة : إنّه فعل ضدّ المنهي عنه (٤).
فعلى الثاني لا يتأتّى هذا المنع. وأمّا على الأوّل ؛ فلأنّ المطلوب هنا من عدم التفرّق اجتماع المسلمين واتّفاق كلّهم ؛ ليحصل فوائد الاجتماع ، ففعل هذا مقصود ، وأبو هاشم [لا يمنع مثل] (٥) ذلك.
وعن الثاني بأنّه نكرة في معرض النفي فيعمّ (٦) ، ولأنّ المراد عدم إدخال الماهية في الوجود ، فلو أدخلت في وقت ما لم يحصل الامتثال.
__________________
(١) في «أ» : (الجهّال) ، وما أثبتناه من «ب».
(٢) هو عبد السلام بن محمّد بن عبد الوهّاب الجبّائي ، ولد سنة (٢٤٧ ه) ، وهو شيخ المعتزلة ومن علماء الكلام ، له آراء انفرد بها. وتبعته فرقة سمّيت (البهشمية) نسبة الى كنيته (أبي هاشم). توفّي سنة (٣٢١ ه) ، له مصنّفات كثيرة. تاريخ بغداد ١١ : ٥٥ ـ ٥٦. وفيات الأعيان ٣ : ١٨٣ ـ ١٨٤. ميزان الاعتدال ٢ : ٦١٨. الأعلام ٤ : ٧.
(٣) انظر : المحصول في علم أصول الفقه ٢ : ٣٠٢ ـ ٣٠٣.
(٤) المحصول في علم أصول الفقه ٢ : ٣٠٢.
(٥) في «أ» : (لا يمتنع من) ، وما أثبتناه من «ب».
(٦) العدّة في أصول الفقه ١ : ٢٧٥. مبادئ الوصول الى علم الأصول : ١٢٢. اللمع في أصول الفقه : ٢٧.