فالإمام يستحيل أن يكون من الثاني قطعا ، ويستحيل أن يكون من الثالث ؛ لأنّه إمّا أن يجب طاعته وامتثال أوامره دائما في جميع أحواله ، وهو محال ، وإلّا لزم كون الخطأ صوابا ، والأمر بالمعصية ، والتناقض المحال عقلا بالضرورة.
وإمّا أن يجب امتثال أوامره ونواهيه في حال غلبة القوّة العقلية على القوّة الشهوية خاصّة دون غيره من الأحوال ، وهو محال ؛ لوجوه :
الأوّل : حال قوّته الشهوية لا بدّ من رئيس مانع لتلك القوّة ؛ لاستحالة خلو الزمان عنه ، ومحال أن يكون [هو] (١) محتاجا إلى رئيس آخر وحاكم كما ذكر (٢) ، فيقع الخبط والهرج والمرج (٣).
الثاني : أنّه يكون حينئذ هو محتاجا إلى رئيس [عليه] (٤) في تلك الحالة ؛ لأنّ علّة الاحتياج إلى الرئيس ونصبه هو غلبة القوى الشهوية في بعض الأحوال ، وذلك الرئيس يكون حاله كذلك ، فيلزم إمّا التسلسل ، أو الدور والهرج وانتفاء الفائدة.
الثالث : الرئيس إذا كان إنّما يجب طاعته في حال ما يحصل للمكلّف اليقين بقوله ، ويجوز في كلّ حال أن تكون هي تلك الحالة ، فلا يتّبعه ، فتنتفي فائدة نصبه ؛ لعدم الوثوق به.
الرابع : يلزم إفحامه ؛ لأنّه يقول المكلّف : لا يجب عليّ اتّباعك حتى أعرف أنّ تلك [الحالة] (٥) هي حالة غلبة القوّة العقلية ، وأنّ ما تقوله صواب ، ولا أعرفه إلّا بقولك ، وقولك ليس بحجّة دائما ، ولا أعرف أنّ هذه الحال هي حالة [حجّية] (٦) قولك ، فينقطع الإمام.
__________________
(١) من «ب».
(٢) ذكره في الدليل السادس عشر من هذه المائة.
(٣) لم ترد في «ب» : (والمرج).
(٤) في «أ» و «ب» : (غلبه) ، وما أثبتناه للسياق.
(٥) في «أ» و «ب» : (حالة) ، وما أثبتناه للسياق.
(٦) في «أ» : (حجّة) ، وما أثبتناه من «ب».