المذكورين ؛ [لجواز] (١) تقريبه ممّا ينبغي تبعيده عنه ، وتبعيده عمّا ينبغي تقريبه [منه] (٢).
والكامل فيهما هو المعصوم ؛ إذ غير ناقص ، فيمكن وجود أكمل منه ، فلا يكون قد حصل له الكمال المطلق الممكن للبشر.
الخامس والأربعون : الإمام يجب أن تكون نفسه لها ملكة التجرّد عن العلائق الجسمانية والشواغل البدنية واللذّات الحيوانية ، بحيث لا يلتفت إليها ولا يشتغل بتحصيلها ، بل ما حصل منها من المباح له لا يكترث به. وإلى ذلك أشار الله تعالى بقوله : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) (٣).
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام مخاطبا للدنيا : «[أبيّ] (٤) تعرّضت ، أم إليّ تشوّقت ... طلّقتك ثلاثا» (٥).
ونفسه منتقشة في الكمال (٦) الأعلى ، وحصل لها اللذّة العليا ؛ إذ الداعي من جهة الله إلى ذلك والمنفّر للخلق عن جميع ما يبعّد عن الله تعالى ـ على حسب ما أمر الله تعالى به من التحريم والكراهة ، والحثّ على الأفعال المقرّبة من هذا كالواجبات والمندوبات ، وإباحة ما لا يبعّد ولا يقرّب ـ لو لم يكن كذلك لم يصلح لذلك ، وهو ظاهر.
وإذا تقرّر ذلك فنقول : يجب أن يكون معصوما ؛ لأنّه عالم بقبح القبيح وبقبح ترك الواجب ومستغن عنه ، لا يتصوّر فيه حاجز القوّة الشوقية والجسمانية ولا الجهل ؛ لكماله في القوّتين. وإذا انتفى الداعي وثبت الصارف امتنع منه فعل القبيح
__________________
(١) في «أ» : (بجواز) ، وما أثبتناه من «ب».
(٢) زيادة اقتضاها السياق.
(٣) آل عمران : ١٨٥.
(٤) في «أ» و «ب» : (إليّ) ، وما أثبتناه من المصدر.
(٥) نهج البلاغة : ٤٨٠ ـ ٤٨١ ، قصار الحكم : ٧٧.
(٦) في «ب» : (بالكمال) ، بدل : (في الكمال).