لا جائز الأوّل ؛ إذ هو محتقر بالنسبة إلى الأخروي ، فلا يجوز الامتنان بالفاني المحتقر مع إمكان الدائم العظيم ، فتحقّق أحد القسمين الآخرين.
فلا يتمّ لهم ذلك إلّا باللطف المقرّب المبعّد الذي هو المعصوم ، فثبت به ، وإلّا لم يحسن الامتنان.
السابع والعشرون : قوله تعالى : (يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) (١).
وجه الاستدلال : أنّ هذا يدلّ على أن ليس لهم أمر ولا حكم في شيء مطلقا ، بل الكلّ لله تعالى ، فلا يجوز أن يكون نصب الإمام مستندا إليهم ؛ لأنّه من أعظم الأمور وأتمّها وأهمّها ، وعليه يبنى المصالح الدينية ، فيكون إلى الله تعالى ، والله تعالى لا يجوز أن يجعل غير المعصوم ؛ لأنّه قبيح ؛ لما تقدّم (٢) ، والله تعالى لا يفعل القبيح.
[ولأنّه] (٣) لو أمر بطاعته في جميع أوامره ، وهو يمكن أن يأمر بما يريد وبما سنح في خاطره وقد وقع (٤) مثل ذلك ، فلو أمر الله به لزم أن يكون [له] (٥) من الأمر شيء ، لكنّه منفي.
وإن كان فيما يعرف المكلّف أنّه صواب لزم إفحامه ، فلا حاجة إلى نصبه.
الثامن والعشرون : علّة السبب علّة المسبّب ، فلو كان نصب الإمام من فعلهم لكان جميع الأوامر والنواهي والأحكام الصادرة منه من فعلهم ، فثبت نقيض السالبة (٦) التي حكم الله تعالى بصدقها ، وهو خلف.
__________________
(١) آل عمران : ١٥٤.
(٢) تقدّم قي الدليل السابع عشر من المائة الأولى ، وفي الدليل الرابع والعشرين من هذه المائة.
(٣) في «أ» : (ولو أنّه) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) في «أ» زيادة : (في) بعد : (وقع) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٥) من «ب».
(٦) السالبة هي : (ليس لهم أمر ولا حكم في شيء مطلقا). المتقدّمة في الدليل السابق.