[أصالة البراءة]
استدلّ على البراءة ـ فيما عرفت من مجراها ـ بالأدلّة الثلاثة :
فمن الكتاب آيات :
منها : قوله تعالى : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها)(١) على أن يكون المراد من الموصول فيها التكليف ، فكان مفعولا مطلقا قائما مقام المصدر من مادّة «كلف» ويشهد له العراء عن حرف الجرّ ، فلو كان المراد منه ما يقع عليه التكليف من المال أو الفعل وجب التعدية بحرف الجرّ ؛ لأنّ مادّة «كلف» لا يتعدّى إلى المفعول الثاني بلا أداة.
والمراد من إتيان التكليف هو الإعلام به كإتيان العلم والحكمة كما أنّ المراد من إتيان الفعل هو الإقدار عليه ، بل هذا هو المراد أيضا من إتيان المال.
فحسب ما ذكرناه يكون معنى الآية : لا يكلّف الله نفسا إلّا تكليفا أعلمه.
وتشهد له رواية عبد الأعلى عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قلت : هل كلّف الناس بالمعرفة؟ قال : «لا إنّ على الله البيان (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها)(٢)(لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها)(٣)» (٤).
__________________
(١). الطلاق (٦٥) : ٧.
(٢). البقرة (٢) : ٢٨٦.
(٣). الطلاق (٦٥) : ٧.
(٤). بحار الأنوار ٥ : ٣٠٢ / ١٠.