الصادق عليهالسلام قال : «قضى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالشفعة بين الشركاء في الأرضين والمساكن وقال : لا ضرر ولا ضرار» (١) مع أنّ البيع لم يزد ضررا على ما كان من ضرر الشركة ، وكذلك في رواية هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله عليهالسلام رجل شهد بعيرا مريضا يباع فاشتراه رجل بعشرة دراهم ، فجاء واشترك فيه رجل بدرهمين بالرأس والجلد ، فقضى أنّ البعير يري فبلغ ثمنه دنانير قال : فقال «لصاحب الدرهمين خمس ما بلغ ، فإن قال : أريد الرأس والجلد فليس له ذلك ، هذا الضرار ، وقد أعطى حقّه إذا أعطى الخمس» (٢) ـ لا يضرّ بالتمسّك بعموم القاعدة في غير المقام.
والكلام يقع في هذه الفقرة تارة من حيث المادّة وأخرى من حيث الهيئة.
أمّا من حيث المادّة : فالضرر هو النقص بزوال أمر مطلوب موجود فعلا سواء كان في المال أو في النفس أو في الجاه أو في كلّ ما يهمّ الشخص ، فليس عدم الطيران لغير الطائر من الحيوان ضررا ، ولا نقص ما لا يرغب في وجوده ضررا ، ولا فوات النفع بمعنى عدم حصول الانتفاع ضررا إلّا فيما حصل مقتضيه وأشرف على الوقوع كسقي أشجار غيره بماء آجن منع الأشجار عن الإثمار ؛ فإنّ هذا مع أنّه من فوات النفع يعدّ في نظر العرف ضررا ، ولعلّه من باب التسامح ، وعدّ ما حصل مقتضيه موجودا فعلا.
وأمّا الضرار فمقتضى عطفه على الضرر تغايرهما ، وقاعدة بابه أن يراد منه الضرر من الجانبين. وعليه فلا يستفاد من الجملة الثانية سوى ما يستفاد من الأولى. ويحتمل أن يراد منه الجزاء على الضرر ، وقد نفي بنفي سببه ، وهو الضرر الأوّل ، كما يقال : «لا تضرب فلا تضرب» (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ)(٣) وإلّا فمجازاة الضرر بمثله غير منفيّ في الشريعة ، بل أمر بها في آية الاعتداء (٤) وفي آية القصاص (٥).
__________________
(١) الكافي ٥ : ٢٨٠ / ٤ ؛ التهذيب ٧ : ١٦٤ / ٧٢٧ ؛ وسائل الشيعة ٢٥ : ٣٩٩ كتاب الشفعة ، ب ٥ ، ح ١.
(٢) الكافي ٥ : ٢٩٣ / ٤ ؛ التهذيب ٧ : ٨٢ / ٣٥١ ؛ وسائل الشيعة ١٨ : ٢٧٥ أبواب بيع الحيوان ، ب ٢٢ ، ح ١.
(٣) الأنعام (٦) : ١٠٨.
(٤) البقرة (٢) : ١٩٤.
(٥) البقرة (٢) : ١٧٨.