ابن أعين : سألت عن المعرفة ما هي : فاعلم رحمك الله أن المعرفة من صنع الله عزوجل في القلب مخلوقة ، والجحود صنع الله في القلب مخلوق (١) ، وليس للعباد فيهما من صنع ولهم فيهما الاختيار من الاكتساب فبشهوتهم الإيمان اختاروا المعرفة فكانوا بذلك مؤمنين عارفين ، وبشهوتهم الكفر اختاروا الجحود فكانوا بذلك كافرين جاحدين ضلالا ، وذلك بتوفيق الله لهم وخذلان من خذله الله ، فبالاختيار والاكتساب عاقبهم الله وأثابهم ، وسألت رحمك الله عن القرآن واختلاف الناس قبلكم ، فإن القرآن كلام الله محدث غير مخلوق وغير أزلي مع الله تعالى ذكره ، وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ، كان الله عزوجل ولا شيء غير الله معروف ولا مجهول ، كان عزوجل ولا متكلم ولا مريد ولا متحرك ولا فاعل (٢) عزوجل ربنا ، فجميع هذه الصفات محدثة عند حدوث الفعل منه ، عزوجل ربنا ، والقرآن كلام الله غير مخلوق ، فيه خبر من كان قبلكم وخبر ما يكون بعدكم (٣) أنزل من عند الله على محمد رسول الله صلىاللهعليهوآله (٤).
وسألت رحمك الله عن الاستطاعة للفعل (٥) فإن الله عزوجل خلق العبد وجعل
__________________
١ ـ الكلام في المعرفة والجحود يأتي في الباب الثالث والستين.
٢ ـ قوله ( ولا متحرك ) أي فاعل الحركة ، أو المعنى لا ظاهر بفعله ، وقوله ( ولا فاعل ) لا ينافي قول الرضا عليهالسلام في الحديث الثاني من الباب الثاني : ( وله معنى الخالق ولا مخلوق ، إذ المراد هناك كمال الفاعلية باعتبار ذاته وهنا وجود المفعول باعتبار فعله.
٣ ـ في نسخة ( ب ) ( وخبر من يكون بعدكم ) وفي نسخة ( و ) و ( د ) ( وخبر من كان بعدكم ).
٤ ـ في نسخة ( د ) ( ونزل من عند واحد نزل من عند الله على محمد ـ الخ ـ ) وفي نسخة ( و ) ( أنزل من عند واحد نزل من عند الله على محمد ـ الخ ـ ) ، وفي نسخة ( ب ) ( نزل من عند واحد على محمد ـ الخ ) وفي حاشيتها ( نزل من عند الله على محمد ـ الخ ).
٥ ـ الكلام في الاستطاعة يأتي في الباب الخامس والخمسين.