له الآلة والصحة وهي القوة التي يكون العبد بها متحركا مستطيعا للفعل ، ولا متحرك إلا وهو يريد الفعل ، وهي صفة مضافة إلى الشهوة التي هي خلق الله عزوجل مركبة في الإنسان (١) فإذا تحركت الشهوة في الإنسان اشتهى الشيء فأراده ، فمن ثم قيل للإنسان مريد ، فإذا أراد الفعل وفعل كان مع الاستطاعة والحركة ، فمن ثم قيل للعبد : مستطيع متحرك ، فإذا كان الإنسان ساكنا غير مريد للفعل وكان معه الآلة وهي القوة والصحة اللتان بهما تكون حركات الإنسان وفعله كان سكونه لعلة سكون الشهوة فقيل : ساكن فوصف بالسكون ، فإذا اشتهى الإنسان وتحركت شهوته التي ركبت فيه اشتهى الفعل وتحركت بالقوة المركبة فيه واستعمل الآلة التي بها يفعل الفعل فيكون الفعل منه عندما تحرك واكتسبه فقيل : فاعل ومتحرك ومكتسب ومستطيع ، أولا ترى أن جميع ذلك صفات يوصف بها الإنسان.
وسألت رحمك الله عن التوحيد وما ذهب إليه من قبلك ، فتعالى الله الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، تعالى الله عما يصفه الواصفون المشبهون الله تبارك وتعالى بخلقه المفترون على الله عزوجل ، فأعلم رحمك الله أن المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله عزوجل ، فانف عن الله البطلان والتشبيه ، فلا نفي ولا تشبيه وهو الله الثابت الموجود ، تعالى الله عما يصفه الواصفون ، ولا تعد القرآن فتضل بعد البيان (٢).
وسألت رحمك الله عن الإيمان ، فالإيمان هو إقرار باللسان (٣) وعقد بالقلب وعمل بالأركان ، فالإيمان بعضه من بعض (٤) وقد يكون العبد مسلما قبل أن يكون مؤمنا ، ولا يكون مؤمنا حتى يكون مسلما ، فالإسلام قبل الإيمان وهو
__________________
١ ـ مركبة خبر بعد خبر لهي.
٢ ـ في نسخة ( ط ) و ( ن ) ( فيضلك بعد البيان ).
٣ ـ في نسخة ( د ) و ( ب ) و ( و ) و ( ج ) ( هو الاقرار باللسان ).
٤ ـ أي فالإقرار والعمل ناشئان من عقد القلب ، والأقوال في الإيمان وحده مختلفة ، وفي التجريد عرفه بالعقد والإقرار ، وكذا اختلفوا في أن الإسلام والإيمان مختلفان أم متفقان.