على حدوث المحدثات وتعذر إثبات محدثها بتناهيها وتفرقها واجتماعها.
وشيء آخر وهو أن العقول قد شهدت والأمة قد اجتمعت على أن الله عزوجل صادق في إخباره ، وقد علم أن الكذب هو أن يخبر بكون ما لم يكن ، وقد أخبر الله عزوجل عن فرعون وقوله : ( أنا ربكم الأعلى ) (١) وعن نوح : أنه نادى ابنه وهو في معزل : يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين (٢). فإن كان هذا القول وهذا الخبر قديما فهو قبل فرعون وقبل قوله ما أخبر عنه ، وهذا هو الكذب ، وإن لم يوجد إلا بعد أن قال فرعون ذلك فهو حادث لأنه كان بعد أن لم يكن.
وأمر آخر وهو أن الله عزوجل قال : ( ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ) (٣) وقوله : ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ) (٤) وما له مثل أو جاز أن يعدم بعد وجوده فحادث لا محالة.
٧ ـ وتصديق ذلك ما أخرجه شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضياللهعنه في جامعه ، وحدثنا به ، عن محمد بن الحسن الصفار (٥) عن العباس بن معروف ، قال :
حدثني عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن حماد بن عثمان ، عن عبد الرحيم القصير ، قال : كتبت على يدي عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد الله عليهالسلام جعلت فداك ، اختلف الناس في أشياء قد كتبت بها إليك ، فأن رأيت جعلني الله فداك أن تشرح لي جميع ما كتبت به إليك ، اختلف الناس جعلت فداك بالعراق في المعرفة والجحود ، فأخبرني جعلت فداك أهما مخلوقان؟ واختلفوا في القرآن ، فزعم قوم : أن القرآن كلام الله غير مخلوق وقال آخرون : كلم الله مخلوق ، وعن الاستطاعة أقبل الفعل أو مع الفعل؟ فإن أصحابنا قد اختلفوا فيه ورووا فيه ، وعن الله تبارك وتعالى هل يوصف بالصورة أو بالتخطيط؟ فإن رأيت جعلني الله فداك أن تكتب إلي بالمذهب الصحيح من التوحيد ، وعن الحركات أهي مخلوقة أو غير مخلوقة؟ وعن الإيمان ما هو؟ فكتب عليهالسلام على يدي عبد الملك
__________________
١ ـ النازعات : ٢٤.
٢ ـ هود : ٤٢.
٣ ـ الإسراء : ٨٦.
٤ ـ البقرة : ١٠٦.
٥ ـ ( حدثنا ) عطف على أخرجه ، والضمير المستتر فيه يرجع إلى ( شيخنا ).