وحيث أن الامر في الشريعة يكون على أقسام : من الواقعي الأولي ، والثانوي ، والظاهري ، والانظار تختلف في أن الاخيرين يفيدان الاجزاء أو لا يفيدان ، كان الاتيان بعبادة موافقة لامر ومخالفة لآخر ، أو مسقطا للقضاء والاعادة بنظر ، وغير مسقط لهما بنظر آخر ، فالعبادة الموافقة
______________________________________________________
مستعملان في التماميّة وعدم التماميّة لكن ما به التماميّة في العبادة غير ما به التماميّة في المعاملة.
فاتضح ان الاختلاف فيهما مصداقي لا مفهومي.
ولا يخفى أيضا ان الصحة والفساد بنظر الفقيه هو ترتب الأثر من عدم القضاء والاعادة وعدمهما ، والملكية وعدم الملكية ، وهذا هو المهم عند الفقيه ، والمهم في نظر المتكلم هو الثواب والعقاب.
فالفقيه يعبر عن الصحة والفساد تارة بما يوجب القضاء او الاعادة ولا يوجبهما واخرى بترتب الملكية وعدم ترتبها ، والمتكلم يعبر عن الصحة والفساد بموافقة الأمر وعدم موافقة الامر ، وهذا الاختلاف في التعبير ليس لأجل ان الصحة والفساد مفهومهما عند الفقيه غير مفهومهما عند المتكلم ، بل هي التمامية وعدم التمامية عندهما ، ولكن حيث كان المهم عند الفقيه غير ما هو المهم عند المتكلم اختلف تعبيرهما عن الصحة والفساد ، لوضوح انه اذا أمكن ان لا يكون اللفظ منقولا عن معناه اللغوي وان يبقى على معناه فلا داعي لتكلف نقله عن معناه اللغوي لأصالة عدم النقل ، ومعنى الصحة والفساد لغة هو التمامية وعدم التمامية ولا موجب لنقله فيما اذا استعمل في لسان الفقهاء في العبادة والمعاملة ولا موجب لنقله أيضا فيما اذا استعمل في لسان المتكلم ، لعدم مانع من بقائه على معناه اللغوي فلا داعي الى النقل ، ولو شك في النقل فأصالة عدم النقل تقضي ببقائه على معناه اللغوي ، وقد أشار المصنف الى جميع ما ذكرناه بقوله : ((ان الصحة والفساد وصفان اضافيان)) الى قوله : ((بما يوافق الامر تارة وبما يوافق الشريعة أخرى)).