الشاهد الاول
ان من أبرز الشواهد في هذا المجال هو ما
قاله الفيلسوف الفرنسي «اوغست كونت» مؤسس الفلسفة الوضعية عن الله والعلم :
«ان العلم أعفى الله أبا الطبيعة عن
شغله وساقه إلى زاوية العزلة مقدراً له اتعابه»!!!
ان هذه العبارة تكشف عن مدى تصور هذا
الفيلسوف الغربي عن الله ، وعن فكرته حول خالق الكون ودوره سبحانه بالنسبة إلى
النظام الكوني ، وهو يدل على عدم وجود ما يزيح له هذا الابهام ویریه
سواء السبيل.
وتوضيحاً لكلامه ولكي نقف على مواقع
النظر فيه نقول :
ان «كونت» تصور ان الالهيين كانوا
يعتقدون بأن الله هو والد الطبيعة ، وانه موجد الظواهر الطبيعية مباشرة.
فهو يقول : إن البشر البدائي كان في
عصور الجهل يعتقد بأن كل الظواهر الطبيعية من صنع الله مباشرة ، فهو الذي يوجد
الزلازل ، وهو الذي ينزل المطر ، وهو الذي ينبت الثمر ، وهو وراء هبوب الرياح ، وانه
بالتالي يستند اليه كل شيء من الحوادث والظواهر الطبيعية دون تخلل شيء.
وقد كان البشر على هذا الاعتقاد يوم لم
يكتشف بعد العلل المادية ، والاسباب الطبيعية لتلك الظواهر فقد كان ـ بحكم فطرته
التي تقضي بان لكل معلول علة يسند كل ذلك الى الله ، ويريح بذلك نفسه ويرضي وجدانه.
ولكنه ما ان اكتشف العلم الأسباب والعلل
المادية الحوادث والظواهر ، واثبت ان الهطول المطر ، وحدوث الزلزال ، ونبات الكور
اسبابها الخاصة وعللها المناسبة استختی بالاعتقاد بالعلل التي كشف عنها
العلم عن الاعتقاد