فلكل هذه الغرائز دخالة كاملة في تكوين شخصية الانسان الكاملة بحيث لو فقدوا واحدة منها لاصبح انساناً ناقصاً.
غير ان هذه الغرائز لا تفني شيئاً من الغرائز الاخرى بل تعدلها ، وتجعلها في حجمها المناسب ومسارها الصحيح ، وبالتالي ينشأ من تلاقي هذه الغزائر السافلة وتلك الغرائر العالية وتركيبها الانسان الكامل المعتدل في خلقه ومواقفه ، السوي في عقله وشخصيته.
وعلى ذلك لا يصح ما يقوله الماركسيون من ان تكامل الشيء ناشئ من الصراع الداخلي في جوهر الأشياء عامة ومن نفي الثاني للاول بل الحقيقة الساطعة هي أن القوى المختلفة المتنوعة يكمل بعضها بعضاً ، ويعدل بعضها الاخر.
* * *
١ ـ دور الغرائز في بناء وتكامل الحضارة
تعتمد الماركسية في تفسيرها للكون ، ولما يقع في المجتمعات البشرية من تحولات ، على مبدأ «الصراع الطبقي الداخلي» ، فتزعم أن ذلك الصراع هو العامل الوحيد في بناء المجتمع البشري وحضارته العلمية والأخلاقية والفنية ولكنها غفلت عن ان الصراع الطبقي ـ على فرض تأثيره ـ ليس الا أحد العوامل في هذا المجال ، فثمة عوامل أخرى لا يقصر تأثيرها عن تأثير عامل الصراع الطبقي الداخلي ان لم تكن أقوى منه ، وهي عوامل روحية موجودة في النفوس الانسانية قاطبة ، وقد كشف عنها علماء النفس في بحوثهم ودراساتهم عن الشخصية الانسانية وهي عبارة عن :
١ ـ غريزة حب الاستطلاع.