والنبوة لا تثبت الا اذا ثبت الوحي.
ولا يثبت الوحي الا اذا ثبت وجود الله فكيف يستدل بخوارق العادات على وجود الله؟
كلا فاننا نقصد أن في حياة البشر اموراً تدعی بـ «خوارق العادات» وهي مما لا يمكن تفسيره بالعلل المادية التي نحس بها ونلمسها ، وأن عالم الاسباب والعلل أوسع بكثير وكثير من الأسباب المادية والعلل الطبيعية.
نعم لا يهمنا هنا التعرف على حقيقة العلل والأسباب التي تكمن وراء هذه الخوارق ، أهي النفوس القوية التي يمتلكها أصحاب هذه الأعمال أم غيرها.
ولقد أشار الشيخ الرئیس ابن سينا الى هذه الحقيقة اذ قال :
اذا بلغك أن عارفة اطاق بقوته فعلا ، أو تحريكا ، أو حركة ، يخرج عن وسع مثله ، فلا تتلقه بكل ذلك الاستنكار ، فلقد تجد الی سببه سبيلا في اعتبارك مذاهب الطبيعة» (١).
٥ ـ الالهام في النفس
ومن النوافذ المشرعة والمفتوحة على عالم الغيب هو ما تلقاه بعض النفوس من بعض المواضيع والامور حال اليقظة ، وتلك حقيقة واقعة لا تقبل الشك والجدل كما هو الحال في الأمور التي يتلقاها الانسان في حال النوم.
ويسمى ذلك التلقي والالقاء ، في مصطلح الفلسفة بالالهام (٢).
__________________
(١) شرح الاشارات ج ٣ ص ٣٧.
(٢) وقد عبر القرآن الكريم عن الالهام بالوحي والايحاء أيضاً اذ قال : وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ (٧ / القصص).