هذه هي خلاصة العوامل التي تكون الشخصية
الانسانية على ما ذهب اليه علماء النفس ، ولكن يبقى أن نعرف ما يقصده هؤلاء
العلماء من كلامهم.
فان أرادوا مقهورية الانسان لهذه
العوامل وسلب الحرية الذاتية عنه بحيث لا يسعه إلا أن يفعل بمقتضاها ، فهو امامها
مكتوف اليدين مسلوب الاختيار ، مسوقاً سوقاً لا قدرة له على المخالفة لما تقتضيه
هذه المكونات فهذا يستلزم انكار حرية الانسان وقدرته على الانتخاب الذي يتميز بها
هذا الموجود ، ويعتبر من أبرز مشخصاته بين الكائنات الحية ، وهو ـ كما عرفت ـ انكار
لجدوى كل المساعي التربويّة والجهود الاصلاحية ، كما انه انكار لجميع القيم والمثل
الاخلاقية.
وقد عرفت صحة جميع هذه الأمور واعتراف
المادي والروحي بها على السواء.
وان أرادوا أن لهذه العوامل تأثيراً في
سيرة الإنسان ومسيرته ، بمعنى انها تهییء الارضية المناسبة للاستقامة
أو الانحراف دون أن يبلغ هذا التأثير الى درجة يفقد معها الأنسان حريته الذاتية ، ويسلبه
قدرته على الانتخاب والاختيار ، فهو امر صحيح يقبله العقل الصحيح ، ويقره الوجدان
السليم.
الاعتقاد بمادية
الانسان نفى لحريته
اذا وقفت على ما ذكرناه من أن القول
بالجبر يكذ به عمل الجبري في حياته ، وعمل علماء التربية وغير ذلك ، تعرف بأن
الاعتقاد بمادية الانسان وتصور أنه عبارة عن الجثة التي تتركب من اللحم والعظم
والخلايا والأعصاب والاوردة والمخ وما شابه ذلك من الأجهزة والعناصر الطبيعية ، مؤداه
أن يكون عمل الانسان مثل عمل سائر الأجسام الفلزية التي تفعل ما تفعل بحكم طبيعتها
، وليس أمامها