وبعبارة أخرى : اذا صحت نظرية الحسين بأن الشخصية الإنسانية ليست سوى نفس الأفعال المتلاحقة لزم من ذلك أن يكون الموضوع نفس المحمول وان يكون المنسوب اليه نفس المنسوب والبداهة تقضي بتعددهما فان المحمول غير الموضوع ، وان المنسوب غير المنسوب اليه.
وهذا خير دليل على وجود حقيقة مستقلة عن الأفكار والأفعال الصادرة عن الجوارح والجوانح هي «الشخصية الانسانية» المعبر عنها بالانا ، أو النفس.
* * *
باء ـ ثبات الشخصية الانسانية في دوامة التغيرات الجسدية (١)
ان كل واحد منا يحس بأن نفسه باقية ثابتة في دوامة التغيرات والتحولات التي تطرأ على جسمه فمع انه يتصف تارة بالطفولة وتارة بالصبا وتارة بالشباب وأخرى بالشيخوخة فانه يبقى هناك شيء واحد يسند اليه جميع هذه الصفات والحالات.
وعلى الجملة فان كل انسان يحس بأن هناك حقيقة باقية وثابتة رغم تخبر الأحوال والأوضاع وتصرّم الأزمنة وانقضاء الأوقات فلو كانت تلك الحقيقة التي يحمل عليها كل تلك الصفات امراً مادياً يشمله التغيير والتبدل ، لم يصح حمل تلك الصفات على شيء واحد فيقال : أنا الذي كتبت هذا الخط يوم كنت شاباً أو كهلا.
اذ لو لم يكن هناك شيء ثابت ومستمر الى زمان النطق بهذا الكلام لزم كذب القضية وعدم صحتها اذ المفروض ـ على هذه النظرية ـ انّ الشخصية
__________________
(١) قد عرفت ان الدليل الحاضر يتركب من أمرين الأول : ما مر تحت عنوان الشخصية الانسانية المعبر عنها بالانا. والثاني هو ما نطرحه هنا.