وفيه ابطال لمذهب الأشاعرة حيث ذهبوا إلى أنّ المعصوم هو الّذي لا يمكنه الإتيان بالمعاصي بان يكون مختصّا بكيفيّة بدنيّة او قائمة ببدنه او نفسانيه او قائمة بنفسه يقتضي امتناع الاقدام على المعصية ، أو انه الّذي يكون قادرا على الطّاعة لا غير ، أو يكون غير قادر على المعصية.
وهذه الأقوال الثلاثة على اختلافها في الجملة مشتركة في نفي القدرة حكاها عنهم في «أنوار الملكوت» والكلّ مخالف لأصول المذهب كما لا يخفى ، بل قد سمعت أنّ الاماميّة قد اعتبروا في تحقّق العصمة مضافا إلى ترك المعاصي مطلقا عن اختيار وقدرة نفي السّهو والغفلة ايضا.
ولذا كان الأولى في تعريفها أن يقال : إنّها ملكة ربانيّة تنبعث على ترك المعاصي مع بقاء القدرة وعلى نفي الخطأ والزّلة حتّى السهو والغفلة ، ولذا ورد في أخبار كثيرة أنّ الإمام لا يسهو (١) ولا يغفل معلّلا بكونه معصوما على ما يأتي تمام الكلام فيه في تفسير قوله : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) (٢) ، وقوله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ) (٣).
وفي الزيارة الجامعة : عصمكم الله من الّزلل وآمنكم من الفتن ، وطهّركم من الدّنس ، وأذهب عنكم الرّجس (٤).
وفي الّزيارة المرويّة في مزار البحار عن الشيخ المفيد ، وابن طاوس ،
__________________
(١) البحار ج ٩٣ ص ٦٤ وج ٢٥ ص ١٦٤.
(٢) البقرة : ١٢٤.
(٣) الأحزاب : ٣٣.
(٤) بحار الأنوار ج ١٠١ ص ٣٧١.