إبليس كان من الجنّ
ثمّ انّ ظاهر قوله : أخرج به منها ملكا بل لعلّ صريحه كون إبليس ملكا من الملائكة بل ظاهر قوله في صدر الخطبة : ثمّ اختبر بذلك الملائكة المقرّبين كونه من مقرّبيهم ، سيّما مع ظهور تقسيمهم إلى المتواضعين والمستكبرين في ذلك ، وهذا المذهب هو المحكيّ عن بعض المتكلّمين واكثر فقهاء العامّة ، وحكاه في «المجمع» عن ابن عباس وابن مسعود وقتادة ، واختاره من أصحابنا شيخ الطائفة في «التبيان» قال : وهو المروي عن أبي عبد الله والظاهر في تفاسيرنا ، ثمّ حكى عن القائلين بأنّه كان منهم فقيل : إنّه كان خازنا على الجنان ، وقيل كان له سلطان سماء الدنيا وسلطان الأرض ، وقيل : إنّه كان يسوس ما بين السّماء والأرض (١).
وغاية ما يستدلّ لهم على ذلك وجوه.
أحدها : أنّه لو لم يكن منهم لما تناوله الخطاب المتوجّه إلى الملائكة في صريح الآية ، وحينئذ فلم يكن مأمورا بالسجود فلا تكليف فلا مخالفة ، فيجب أن لا ينسب إليه الإباء والاستكبار ولا يستحقّ الذّم والعقاب.
ثانيها : انّ الاستثناء ظاهر او حقيقة في المتّصل ، وقضيّة دخول المستثنى في المستثنى منه لأنّه إخراج ما لولاه لدخل في الحكم لدخوله في الموضوع ، فيجب أن يكون داخلا في عداد الملائكة لأنّ الله تعالى قد استثناه منهم في آيات كثيرة.
ثالثها : الخطبة المتقدّمة حسبما سمعت من التقريب مضافا إلى ما أرسله في
__________________
(١) مجمع البيان : ج ١ ص ٨٢.