الأولين يثبت المطلوب ، والمراد بتعليمها على ما هو ظاهر اللفظ إلقاؤها على المتعلّم مبيّنا له معانيها ، كما هو ظاهر تعليم الاسم على صفة الاسميّة ، ولا يصدق ذلك إلّا مع سبق وضعها لمعانيها ، فإمّا أن يكون صادرا منه سبحانه وهو المطلوب ، او من الخلق الّذين كانوا قبل آدم ، وهو منفي بالأصل.
وتوهّم أنّ المراد بالأسماء ما يقابل الأفعال والحروف مدفوع ، مع الغضّ عن عدم القول بالفصل كما صرّح به جماعة ، وعن توقّف الإفادة والاستفادة منها على معرفة معانيها ايضا على ما قيل : بانّه اصطلاح خاصّ حادث لا يحمل عموم الخطابات الشرعيّة عليه ، بل المراد به إمّا المعنى اللغوي ، وهو مطلق العلامة الشامل للافعال والحروف ايضا لكونها علامات على معانيها ، او المعنى العرفي العام وهو مطلق اللفظ الموضوع على ما قيل.
فان قلت : إنّ المراد بالأسماء الصفات والعلامات ، مثل كون الفرس صالحا للرّكوب ، والثور للحرث والجمل للحمل ، إذ كلّ ما يميز الشيء فهو اسم ، وحينئذ يمكن أن يكون تعريفها بخلق علم ضروري من غير توسّط الألفاظ ، وأمّا تخصيص الاسم بخصوص الألفاظ فإنّما هو اصطلاح طار ، سلّمنا لكنّ المراد بالتعليم الإلهام وبعث العزم والإقدار على الوضع بخلق الأدوات والمشاعر والإرادات والعلوم المحتاج إليها ، وانّما نسب التعليم إليه سبحانه لأنّه الهادي إليه ، فهو تعليم تكويني الهامي كما في قوله : (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ) (١) اي الهمناه.
قلت : تخصيصه بالصفات ممّا لا وجه له بعد دلالة اللفظ على العموم وفقد
__________________
(١) الأنبياء : ٨٠.