مزيد بيان لهذا الكلام.
هذا كلّه مضافا إلى ما قيل من توافق الفواصل كلّها في متلو الحرف الأخير ، سواء كانت البسملة آية منها أولا ، وإنّهما وان كانا فعلين للعبد إلا أنّ العبادة من مدلولات الاسم المقدّس الذي معناه المعبود بالحقّ فكانت أحرى بالقرب منه ، بل بالتقديم كما أنّ ذلك الاسم هو المقدّم الجامع ، وأنّ العبادة أنسب بذكر الجزاء ، كما أنّ الاستعانة ألصق بطلب الهداية.
وأنّ زيادة الاهتمام بشأن العبادة وإظهارها تقتضي تقديمها على الاستعانة الّتي متعلّقها حسب ما سمعت أعمّ من العبادة وغيرها ، وهي في نفسها وان كانت عبادة أيضا إلّا أنّها لعموم متعلّقها ربما كانت مشوبة ببعض الحظوظ النفسيّة والفيوض الدنيويّة.
وأنّ مبدأ الإسلام الحثّ على العبادة والتحريض عليها على وجه الإخلاص ونفى الشرك ، وأمّا التخصيص بالاستعانة فإنّما يحصل بعد الرسوخ التام في الدين فكانت أحرى بالتأخير.
وبالجملة الجملة الاولى للتخلّص من الشّرك الظاهر ، والثانية للتخلّص من الشرك الخفي ، وأنّ الاولى اشارة الى التحلّى بحلية العبادة الّتي هي أصل الفضائل ، والثانية تنبيه على التخلّى عن الالتفات الى النفس والى غيره تعالى ، بل عن الانانيّة الّتي هي أمّ الرذائل.
وتقديم الأوّل لكونه الغاية المقصودة ولإعانته على الثاني ، والإشعار على أنّه ينبغي الكون على الفطرة الأوليّة الاصليّة الّتي يكون المقصود منها حفظ الصحّة لا رفع المرض فتأمّل.
وفي علل فضل بن شاذان عن مولينا الّرضا عليهالسلام ، قال : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) رغبة وتقرّبا الى الله وإخلاصا بالعمل له دون غيره ، و (إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) استزادة من برّه