سابقيه (١) لما سمعت من دليل الجواز بل الوقوع ، مع أنّ التلاوة بمعنى استحبابها واستحقاق الثواب عليها فضلا عن غيرها كحرمة المسّ للمحدث حكم شرعي يجوز أن ينسخ كغيره من الأحكام بل وكذا إرجاعه الى نوع من الوضع ككونه قرآنا يترتب عليه أحكامه حتى في النذور والأيمان ، لكونه من جعليّات الشارع القابلة للرفع مضافا الى أنه لا يخرجه عن الحكم القابل له.
فما ربما يحكى عن شاذّ من المعتزلة من المنع عن الأوليين أعني نسخ الحكم دون التلاوة والعكس نظرا الى عدم الانفكاك بينهما نظير التفكيك بين المنطوق والمفهوم ، وبين العلم والعالميّة ، وأن بقاء التلاوة خاصة يوهم بقاء الحكم فيؤدي الى إعتقاد الجهل وهو قبيح من الحكيم ، مع استلزامه خلوّ القرآن عند الفائدة ، وأن العكس يشعر بزوال الحكم حيث أن الآية ذريعة الى معرفته ، فالتفكيك تعريض للمكلّف لاعتقاد الجهل مع أنه عبث لا يلزم منه إثبات حكم ولا رفعه.
ضعيف جدا لا ينبغي الإصغاء اليه ، ولا الى دليله بعد ظهور أن بناء النسخ بل الشريعة ولو فيما يتعلق بخصوص التلاوة الحكم على اعتبار المصالح المختلفة بالوجوه والاعتبارات التي ربما يدعو بعضها الى إثبات الحكم أو ـ التلاوة في بعض الأزمنة أو رفع أحدهما خاصة.
وأما ما ذكر من الوجوه فضعفها واضح.
__________________
أصحابه بالتحريف ، فالتجأ هو الى إنكاره (روح المعاني ص ٢٤ ج ١) مع أن القول بعدم التحريف هو المشهور بل المتسالم عليه بين علماء الشيعة ومحققيهم ، حتى أن الطبرسي قد نقل كلام السيد المرتضى بطوله ، واستدلاله على بطلان القول بالتحريف بأتمّ بيان وأقوى حجّة كما في مجمع البيان ج ١ مقدمة الكتاب ص ١٥.
(١) قد عرفت سابقا أنّ نسخ التلاوة سواء كان مع نسخ الحكم أم لا هو بعينه التحريف الممنوع جدا عند المحققين.