كلمات أهل اللغة ولذا قال الفيّومي في مصباحه : نسخت الكتاب نسخا من باب نفع نقلته ، واستنسخته كذلك.
ثم حكى عن ابن فارس (١) : أن كل شيء خلّف شيئا فقد انتسخه فيقال انتسخت الشمس الظل ، والشيب الشباب أي أزاله ، وكتاب منسوخ ومنتسخ أي منقول ، والنسخة الكتاب المنقول منه انتهى ، حيث نبّه على أصل الباب وجعل منه انتساخ الشمس بل نسخ الكتاب أيضا ، وإن كان تفسيره به بل بالنقل الذي اشتهر التمثيل به في المقام لا يخلو عن تسامح فإنه ليس نقلا حقيقة ، بل حكاية لألفاظه وخطّه ولو بخطّ يخالفها.
ولذا قيل : إنّ الاستعمال لعلاقة المشابهة ، بل لعلّه الظاهر أيضا ممّا ذكره شيخنا الطبرسي رحمهالله قال : النسخ في اللغة أبطال شيء وإقامة آخر مقامه ، يقال نسخت الشمس الظلّ أي أذهبته وحلّت محله ، وقال ابن دريد (٢) : كل شيء
__________________
(١) أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي من أئمة اللغة والأدب ، قرء عليه البديع الهمداني والصاحب بن عبّاد ، له تصانيف نفيسة : منها مقاييس اللغة وجامع التأويل في تفسير القرآن وفقه اللغة ، ولد سنة ٣٢٩ وتوفي سنة ٣٩٥ ومن شعره :
قد قال فيما مضى حكيم |
|
ما المرء إلّا بأصغريه |
فقلت قول امرء لبيب |
|
ما المرء إلّا بدرهميه |
من لم يكن معه درهماه |
|
لم يلتفت عرسه اليه |
وكان من ذلة حقيرا |
|
يبول سنّوره عليه |
(٢) محمد بن الحسن بن دريد الأزدي من أئمة اللغة والأدب ، كانوا يقولون : ابن دريد أشعر العلماء وأعلم الشعراء ، ولد في البصرة سنة ٢٢٣ وانتقل الى عمّان فأقام اثني عشر عاما وعاد الى البصرة ثم رحل الى نواحي فارس وكان شيعيا وله في أهل البيت عليهالسلام أشعار منها :
أهوى النبي محمّدا ووصيّه |
|
وابنيه وابنته البتول الطاهرة |
أهل العباء فإنني بولائهم |
|
أرجو السلامة والنجا في الآخرة |