الشمول للحوادث ، والكينونات الدنيوية ، والأخروية ، ولذا صرّحوا عليهمالسلام بأنّ فيه علم ما في السماوات وما في الأرض ، وما في الجنة ، وما في النار إلى غير ذلك مما يؤيّد به الآيات المتقدمة ، وإلّا فالإنصاف أنّها أيضا مستقلّة في الدلالة على ذلك بعمومها الذي ينبغي صرفه إلى الحقيقة.
وتوهّم أنّه مشتمل على آيات وألفاظ معدودة متناهية دالّة بوجوه الدلالات العرفية المنحصرة في الثلاث (١) فكيف يكون المدلول بها تلك المعاني الكثيرة المشتملة على جميع ما مضى وما يأتي إلى يوم القيامة ، بل وبعد القيامة من الأحوال ، والأطوار ، والأفعال الكثيرة المتجددة الغير المتناهية الدائمة بدوامه سبحانه.
مدفوع بأنّ قلة الألفاظ وتناهيها لا تمنع من كثرة المعاني ولا تناهيها إذا كانت هناك سعة من جهة الدلالة ، ألا ترى أنّ الحروف المقطّعة منحصرة في ثمانية وعشرين حرفا وبها يعبّر من حيث وجوه التركيب وفنون الترتيب عن جميع المعاني والمقاصد التي يقع التعبير عنها بين أهل العالم في محاوراتهم ، ومكاتباتهم ، وتصانيفهم ، فالمعاني لا ريب في لا تناهيها مع أنه يعبّر عنها بالألفاظ وإن لم يحط التعبير إلّا بالمحدود منها.
فإن قلت : إنّ وجوه الدلالة محصورة معروفة عند أهل المعرفة باللسان
__________________
(١) الدلالة اللفظية الوضعية تنقسم على ثلاثة أقسام : المطابقة والتضمن والالتزام كما قال التفتازاني في التهذيب : دلالة اللفظ على تمام ما وضع له مطابقة وعلى جزئه تضمن وعلى الخارج التزام. وكما قال المتأله السبزواري في منطقه :
دلالة اللفظ بدت مطابقة |
|
حيث على تمام معنى وافقه |
وما على الجزء تضمنا وسم |
|
والخارج المعنى التزام إن لزم |