نحسا ـ من باب «فهم» فهو نحس ـ بكسر الحاء .. بمعنى : ضد سعد ـ يسعد .. و «النحس» بفتح النون وسكون الحاء : عكس السعد. أما «الريح الصرصر» فهي ريح باردة تهلك بشدة بردها .. و «صرصر» مشتق من «الصر» وهو البرد الذي يصر أي يجمع .. وقيل : صرصر : معناه : شديدة الصوت في هبوبها مشتق من الصرير وهو التصويت. وقيل هي الريح التي لها صرصرة. وقال عزوجل في سورة «الحاقة» : (وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ) أي ريح باردة كأنها التي كرر فيها البرد وكثر فهي تحرق لشدة بردها .. أما «عاتية» فمعناها : عتت على عاد فما قدروا على ردها بحيلة من استتار ببناء أو لياذ بجبل أو اختفاء في حفرة فإنها كأنها تنزعهم من مكامنهم وتهلكهم .. وقوله تعالى (عَذابَ الْخِزْيِ) أضاف «العذاب» إلى «الخزي» على أنه وصف للعذاب بمعنى : عذاب خزي كما يقال : فعل السوء .. المراد : الفعل السيئ وهو من الإسناد المجازي ووصف العذاب بالخزي أبلغ من وصفهم به .. وقيل : ألا ترى إلى البون «أي الفرق» بين قولك : هو شاعر .. وله شعر شاعر.
** (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة عشرة .. المعنى وأما قوم ثمود ـ جماعة صالح ـ فدللناهم على طريقي الضلالة والرشد فاختاروا وآثروا طريق الضلالة على طريق الرشد واستعمال الهدى هنا مجازا. وبعد حذف المضاف «قوم» أو «بنو» أقيم المضاف إليه «ثمود» مقامه وارتفع ارتفاعه على الابتداء. أما «الهون» فمعناه : الهوان .. وصف به العذاب مبالغة أو أبدل منه وقوله تعالى (فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) كناية عن الكفر والإيمان .. والمعروف أن «العمى» و «الجهل» يولدان الضيق والحرج وقد أزالهما الله تعالى من صدر نبيه الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في قوله عزوجل في سورة «الشرح» : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ) أي استفهم سبحانه عند انتفاء الشرح على وجه الإنكار فأفاد إثبات الشرح وإيجابه .. فكأنما قيل : شرحنا لك صدرك ولذلك عطف عليه «وضعنا» اعتبارا للمعنى ومعنى «شرحنا لك صدرك» فسحناه حتى وسع هموم النبوة وأزلنا عنه الضيق والحرج اللذين يكونان مع الجهل والعمى.
** (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة عشرة .. المعنى : ويوم يجمع ويساق أعداء الله بعنف إلى نار جهنم فهم يحبس أولهم على آخرهم لئلا يتفرقوا .. مأخوذ من وزعه ـ يزعه ـ وزعا .. من باب «وهب» بمعنى منعه وهنا في الآية الكريمة بمعنى حبس.
** (وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية والعشرين .. المعنى : وقالوا لجلودهم ـ المراد بجلودهم جميع جوارحهم .. أي جميع أعضائهم ـ والقائلون هم أعداء الله : لم شهدتم علينا وأنتم منا وستنالون ما ينالنا من العذاب؟ والفعل الرباعي «أنطق» فعل متعد .. أما الفعل اللازم فهو الثلاثي «نطق» نحو : نطق الرجل بعد أن كان ساكتا .. والفعل من باب «ضرب» فهو ناطق ـ اسم فاعل ـ أي تكلم فهو متكلم .. ولفظة «ساكت» اسم فاعل للفعل «سكت» ويتعدى الفعل «نطق» عند تشديد الطاء نحو : نطقه : أي جعله ينطق ويقال : انتطق الرجل وتمنطق : أي تعاطى علم المنطق .. أما الفعل المزيد «استنطقه» فمعناه كلمه وطلب منه النطق ومصدره : «استنطاق» ويأتي اسما أيضا .. وناطقه : بمعنى كلمه وقد ورد هذا الفعل في