ونعيم الآخرة فاختار الآخرة فأمره بتخييرهن ليكنّ على مثل حاله أو لأنهن تغايرن عليه فآلى منهن شهرا ، وأمر بتخييرهن ، أو اجتمعن يوما وقلن : نريد ما تريده النساء من الحلي والثياب ، حتى قال بعضهن : لو كنا عند غير الرسول صلىاللهعليهوسلم لكان لنا شأن وحلي وثياب فنزلت ، أو لأن الله تعالى صان خلوة نبيه صلىاللهعليهوسلم فخيرهن على أن لا يتزوجن بعده فأجبن إلى ذلك فأمسكهن ، أو سألته أم سلمة سترا معلما وميمونة حلة يمانية وزينب ثوبا مخططا وهو البرد اليماني وأم حبيبة ثوبا سحوليا وحفصة ثوبا من ثياب مصر وجويرية معجرا وسودة قطيفة فدكية فلم تطلب عائشة رضي الله تعالى عنها شيئا فأمره الله تعالى بتخييرهن ، وكان تحته يومئذ تسع سوى الحميرية خمس قريشات عائشة وحفصة وأم حبيبة وأم سلمة وسودة وصفية بنت حيي الخيبرية وميمونة بنت الحارث الهلالية وزينب بنت جحش الأسدية ، وجويرية بنت الحارث المصطلقية. فلما اخترن الصبر معه على الرخاء والشدة عوضن بأن جعلن أمهات المؤمنين تعظيما لحقوقهن وتأكيدا لحرمتهن ، وحظر عليه طلاقهن أبدا وحرم النكاح عليهن ما دام معسرا فإن أيسر ففيه مذهبان ، قالت عائشة رضى الله عنها ما مات الرسول صلىاللهعليهوسلم حتى حل له النساء ، يعني اللآتي حظرن عليه ، وقيل الناسخ لتحريمهن قوله : (إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ.) الآية [الأحزاب : ٥٠].
(يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) [الأحزاب : ٣٠].
(بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) الزنا ، أو النشوز وسوء الخلق.
(ضِعْفَيْنِ) عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، أو عذابان الدنيا ، لأذاهن للرسول صلىاللهعليهوسلم حدان في الدنيا غير السرقة. قال أبو عبيدة الضعفان أن تجعل الواحد ثلاثة فيكون عليهن ثلاثة حدود لأن ضعف الواحد اثنان فكان ضعفي الواحد ثلاثة ، أو المراد بالضعف المثل والضعفان المثلان قاله ابن قتيبة قال آخرون إذا كان ضعف الشيء مثليه وجب أن يكون ضعفان أربعة أمثاله.
قال ابن جبير : فجعل عذابهن ضعفين وجعل على من قذفهن الحد ضعفين.
(وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً) [الأحزاب : ٣١].
(يَقْنُتْ) تطع. (وَتَعْمَلْ صالِحاً) بينها وبين ربها. (مَرَّتَيْنِ) كلاهما في الآخرة ، أو أحدهما في الدنيا والثاني في الآخرة.
(رِزْقاً كَرِيماً) في الجنة ، أو في الدنيا وسعا حلالا.
(يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي